قد مر تفسير صدر الآية في هذه السورة، وقوله: (ومن أصدق من الله قيلا) ومن أصدق من الله حديثا ونحوه بإشمام الزاي كوفي، غير عاصم، ورويس، والباقون بالصاد. وقد ذكرنا الوجه عند ذكر الصراط في الفاتحة وقوله (وعد الله) نصب على المصدر، وتقديره وعد الله ذلك وعدا، فهو مصدر دل معنى الكلام الذي تقدم على فعله الناصب له، و (حقا) أيضا مصدر مؤكد لما قبله، كأنه قال: أحقه حقا. و (قيلا): منصوب على التمييز، كما يقال: هو أكرم منك فعلا، ومعناه:
وعد الله ذلك وعدا حقا، لا خلاف فيه (ومن أصدق): استفهام فيه معنى النفي:
أي لا أحد أصدق من الله قولا، فيما أخبره، ووعدا فيما وعده.
(ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا [123] ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا [124] القراءة: (يدخلون الجنة): بضم الياء. هناك، وفي مريم، وحم، مكي، بصري، وأبو جعفر، وأبو بكر، والباقون (يدخلون) بفتح الياء وضم الخاء.
الحجة: حجة من قرأ (يدخلون) قوله (ادخلوا الجنة) (ادخلوها بسلام آمنين) ومن قرأ يدخلون فلأنهم لا يدخلونها حتى يدخلوها.
اللغة: الأماني: جمع أمنية، وهي تقدير الأمن في النفس على جهة الاستمتاع به، ووزن أمنية: أفعولة من المنية، وأصله التقدير، يقال: منى له ألماني: أي قدر له المقدر، ومنه سميت المنية وهي فعيلة أي: مقدرة. والنقير: النكتة في ظهر النواة، كأن ذلك نقر فيه.
الإعراب: اسم ليس مضمر، لدلالة الكلام عليه، والتقدير ليس الأمر بأمانيكم أي: ليس الثواب بأمانيكم. (ولا يجد) مجزوم عطفا على الجزاء، لا على الشرط، وهو قوله (يجز) والوقف عند قوله (أهل الكتاب) وقف تام. ثم استؤنف الخبر بعدها بمن يعمل ومن: موضعه رفع بالابتداء على ما تقدم ذكر أمثاله. ومن في