المعنى: لما فصل الله ذكر الاحكام التي يجب العمل بها، ذكر البرهان بعد ذلك ليكون الانسان على ثقة ويقين، فقال: (يا أيها الناس) وهو خطاب للمكلفين من سائر الملل الذين قص قصصهم في هذه السورة (قد جاءكم برهان من ربكم) أي: أتاكم حجة من الله يبرهن لكم عن صحة ما أمركم به، وهو محمد، لما معه من المعجزات القاهرة، الشاهدة بصدقه. وقيل: هو القرآن (وأنزلنا إليكم) معه (نورا مبينا) يبين لكم الحجة الواضحة، ويهديكم إلى ما فيه النجاة لكم من عذابه، وأليم عقابه. وذلك النور: هو القرآن، عن مجاهد، وقتادة، والسدي، وقيل:
النور ولاية علي عليه السلام، عن أبي عبد الله عليه السلام. (فأما الذين آمنوا بالله) أي: صدقوا بوحدانية الله، واعترفوا ببعث محمد صلى الله عليه وآله وسلم (واعتصموا به) أي: تمسكوا بالنور الذي أنزله على نبيه، (فسيدخلهم في رحمة منه) أي: نعمة منه هي الجنة، عن ابن عباس (وفضل) يعني ما يبسط لهم من الكرامة، وتضعيف الحسنات، وما يزاد لهم من النعم، على ما يستحقونه. (ويهديهم إليه صراطا مستقيما) أي يوفقهم لإصابة فضله الذي يتفضل به على أوليائه، ويسددهم لسلوك منهج من أنعم عليه من أهل طاعته، واقتفاء آثارهم، والاهتداء بهديهم، والاستنان بسنتهم، واتباع دينهم، وهو الصراط المستقيم، الذي ارتضاه الله منهجا لعباده.
(يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرء هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شئ عليم [176] اللغة: قد ذكرنا معنى (الكلالة) في أول السورة. والاستفتاء: السؤال عن الحكم، وهو استفعال من الفتيا. ويقال أفتى في المسألة: إذا بين حكمها فتوى، وفتيا.
الاعراب: (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة) يسأل عن أي الفعلين أعمل في الكلالة، والجواب: أن المعمل الثاني، وهو (يفتيكم) والتقدير: يستفتونك في