تتناول المشيئة فيه إلا المؤمنين من أهل الكبائر، الذين يموتون قبل التوبة، لان المؤمن المطيع، خارج عن هذه الجملة، وكذلك التائب، إذ لا خلاف في أن الله لا يعذب أهل الطاعات من المؤمنين، ولا التائبين من المعصية، والكافر خارج أيضا عن المشيئة، لإخبار الله تعالى أنه لا يغفر الكفر، فلم يبق تحت المشيئة إلا من مات مؤمنا موحدا، وقد ارتكب كبيرة لم يتب منها.
وقال الربيع: إن الآية منسوخة بقوله: (ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) لأنه حكم من الله، والنسخ جائز في الاحكام، كما جاز في الأوامر والنواهي، وإنما يمتنع النسخ في الإخبار بأن يقول: كان كذا وكذا، ثم يقول: لم يكن، أو يقول: في المستقبل لا يكون كذا، ثم يقول: يكون كذا. وهذا لا يصح، لان قوله (اعتدنا) وارد مورد الخبر، فلا يجوز النسخ فيه، كما لا يجوز في سائر الأخبار.
(يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ماء آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا [19] القراءة: قرأ حمزة والكسائي (كرها) بضم الكاف، هنا، وفي التوبة، والأحقاف، ووافقهما عاصم، وابن عامر، ويعقوب في الأحقاف، وقرأ الباقون بفتح الكاف، في جميع ذلك. وقرأ (بفاحشة مبينة) بفتح الياء، ابن كثير وأبو بكر عن عاصم، والباقون بكسر الياء. وروي في الشواذ عن ابن عباس: (مبينة) بكسر الياء خفيفة.
الحجة: الكره، والكره: لغتان مثل الضعف والضعف، والفقر والفقر، والدف والدف. وقال سيبويه: بين الشئ، وبينته، وأبان الشئ وأبنته، واستبان الشئ واستبنته، وتبين وتبينته، ومن أبيات الكتاب:
سل الهموم بكل معطي رأسه * تاج مخالط صهبة متعيس