القراءة: قرأ أهل المدينة (لا تعدوا) بتسكين العين، وتشديد الدال (1).
وروى ورش، عن نافع: (لا تعدوا) بفتح العين وتشديد الدال. وقرأ الباقون: (لا تعدوا) خفيفة.
الحجة: من قرأ (لا تعدوا) فأصله لا تعتدوا، فأدغم التاء في الدال لتقاربهما، ولان الدال تزيد على التاء في الجهر. قال أبو علي: وكثير من النحويين ينكرون الجمع بين الساكنين إذا كان الثاني منهما مدغما، ولا يكون الأول حرف مد، ولين، نحو دابة، وأصيم، وتمود الثوب، ويقولون: إن المد يصير عوضا من الحركة، وقد قالوا: ثوب بكر، وجيب بكر، فأدغموا المد الذي فيهما أقل من المد الذي يكون فيهما، إذا كان حركة ما قبلهما منهما، فإذا جاز ذلك مع نقصان المد الذي فيه، لم يمتنع أن يجمع بين الساكنين في نحو (لا تعدوا).
ويقوي ذلك جواز نحو أصيم ودويبة، ومديق. ومن قرأ: (لا تعدوا) فإن الأصل فيه لا تعتدوا فسكن التاء ليدغمها في الدال، ونقل حركتها إلى العين الساكنة قبلها، فصار (لا تعدوا). ومن قرأ: (لا تعدوا) فهو لا تفعلوا مثل قوله تعالى: إذ يعدون في السبت. وحجة الأولين قوله (اعتدوا منكم في السبت).
اللغة: قال أبو زيد يقول: عدا علي اللص أشد العدو، والعدوان، والعدا، والعدو، إذا سرقك، وظلمك، وعدا الرجل، يعدو، عدوا، في الحضر، وقد عدت عينه عن ذلك أشد العدو، تعدو، وعدا يعدو، إذا جاوز. يقال: ما عدوت إن زرتك: أي ما جاوزت ذلك.
الإعراب: قوله (جهرة) يجوز أن يكون صفة لقولهم أي: قالوا جهرة، أي مجاهرة، أرنا الله. ويجوز أن يكون على: أرنا الله رؤية ظاهرة.
النزول: روي أن كعب بن الأشرف، وجماعة من اليهود، قالوا: يا محمد!
إن كنت نبيا فأتنا بكتاب من السماء جملة: أي كما أتى موسى بالتوراة جملة، فنزلت الآية، عن السدي.
المعنى: لما أنكر سبحانه على اليهود التفريق بين الرسل في الايمان، عقبه بالانكار عليهم في طلبهم المحالات، مع ظهور الآيات والمعجزات، فقال: