ينصف الضعيف من الشديد، فأغاثهم الله فكانوا أعز بها من الظلمة قبل ذلك.
وفي هذه الآية دلالة على عظم موقع الدعاء من الله وإبطال قول من يزعم أن العبد لا يستفيد بالدعاء شيئا، لان الله حكى عنهم أنهم دعوا وأجابهم الله، وآتاهم سؤلهم، ولولا أنه استجاب دعاءهم، لما كان لذكر دعائهم معنى.
(الذين آمنوا يقتلون في سبيل الله والذين كفروا يقتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا [76] اللغة: الطاغوت: قد مر ذكره. والكيد: السعي في فساد الحال على وجه الاحتيال، تقول كاد، يكيد، كيدا، فهو كائد: إذا عمل في إيقاع الضرر به على وجه الحيلة فيه.
المعنى: ثم شجع المجاهدين، ورغبهم في الجهاد بقوله (الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله): أي في طاعة الله، وفي نصرة دينه، وإعلاء كلمته، وابتغاء مرضاته، بلا عجب، ولا صلف (1)، ولا طمع في غنيمة (والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت) وطاعته. (فقاتلوا أولياء الشيطان) يعني جميع الكفار. وهذا يقوي قول من قال: إن الطاغوت الشيطان (إن كيد الشيطان كان ضعيفا) دخلت (كان) هاهنا مؤكدة لتدل على أن الضعف لكيد الشيطان لازم في جميع الأحوال والأوقات، ما مضى منها، وما يستقبل، وليس هو عارضا في حال دون حال، وإنما وصف سبحانه كيد الشيطان بالضعف، بالإضافة إلى نصرة الله المؤمنين، عن الجبائي.
وقيل: لأنه أخبر بأنه سيظهر عليهم المؤمنين، عن الحسن. وقيل: لضعف دواعي أولياء الشيطان إلى القتال، إذ لا بصيرة لهم، وإنما يقاتلون بما تدعو إليه الشبهة، والمؤمنون يقاتلون بما تدعو إليه الحجة.
(ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن