بمعصيتهم واعتدائهم. ثم بين تعالى حالهم، فقال (كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه) أي: لم يكن ينهى بعضهم بعضا، ولا ينتهون أي: لا يكفون عما نهوا عنه.
قال ابن عباس: " كان بنو إسرائيل ثلاث فرق: فرقة اعتدوا في السبت، وفرقة نهوهم، ولكن لم يدعوا مجالستهم ولا مؤاكلتهم، وفرقة لما رأوهم يعتدون ارتحلوا عنهم، وبقيت الفرقتان المعتدية والناهية المخالطة، فلعنوا جميعا، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر، ولتأخذن على يد السفيه، ولتأطرنه على الحق أطرا (1)، أو ليضربن الله قلوب بعضكم على بعض، ويلعنكم كما لعنهم ".
وإنما سمي القبيح منكرا: لأنه ينكره العقل، من حيث إن العقل يقبل الحسن، ويعترف به، ولا يأباه، وينكر القبيح ويأباه: وما ينكره العقل فهو الباطل، وما يقر به، فهو الحق. وقيل: إن المراد بالمنكر هنا: صيدهم السمك يوم السبت.
وقيل: هو أخذهم الرشى في الاحكام. وقيل: أكلهم الربا وأثمان الشحوم. ثم أقسم سبحانه فقال (لبئس ما كانوا يفعلون) أي: بئس شيئا فعلهم (ترى كثيرا منهم) أي: من اليهود (يتولون الذين كفروا) يريد كفار مكة، عنى بذلك كعب بن الأشرف وأصحابه، حين استجاشوا المشركين على رسول الله، وذكرنا ذلك عند قوله (ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا) وقال أبو جعفر الباقر عليه السلام: " يتولون الملوك الجبار بن، ويزينون لهم أهواءهم ليصيبوا من دنياهم ".
وفي، هذا توبيخ لأولئك القوم، وتنبيه على سوء فعالهم، وخبث عقائدهم (لبئس ما قدمت لهم أنفسهم) أي: بئس ما قدموا من العمل لمعادهم في الآخرة (أن سخط الله عليهم) أي: سخط الله عليهم (وفي العذاب هم خالدون) وذهب ابن عباس، ومجاهد، والحسن إلى أن هذه الآية في المنافقين من اليهود، والكناية في قوله (منهم) عائدة إليهم، ويؤكده ما بعد هذه الآية.
(ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيرا منهم فاسقون [81] المعنى: (ولو كانوا يؤمنون بالله) أي: لو كانوا يصدقون الله (والنبي)