يشرط على غير المنافقين في التوبة من الاصلاح والاعتصام، ما شرطه عليهم، ثم شرط عليهم بعد ذلك الإخلاص، لان النفاق: ذنب القلب، والإخلاص: توبة القلب. ثم قال (فأولئك مع المؤمنين) ولم يقل فأولئك المؤمنون، أو من المؤمنين، غيظا عليهم. ثم أتى بلفظ (سوف) في أجر المؤمنين، لانضمام المنافقين إليهم، هذا إذا عنى به جميع المؤمنين من تقدم منه الكفر، ومن لم يتقدم. ويحتمل أن يكون المراد به زيادة الثواب، لمن لم يسبق منه كفر، ولا نفاق.
(ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما [147] المعنى: خاطب سبحانه بهذه الآية المنافقين الذين تابوا، وآمنوا، وأصلحوا أعمالهم، فقال: (ما يفعل الله بعذابكم) أي: ما يصنع الله بعذابكم، والمعنى لا حاجة لله إلى عذابكم، وجعلكم في الدرك الأسفل من جهنم، لأنه لا يجتلب بعذابكم نفعا، ولا يدفع به عن نفسه ضررا، إذ هما يستحيلان عليه (إن شكرتم) أي: أديتم الحق الواجب لله عليكم، وشكرتموه على نعمه (وآمنتم) به وبرسوله، وأقررتم بما جاء به من عنده (وكان الله شاكرا) يعني: لم يزل سبحانه مجازيا لكم على الشكر، فسمى الجزاء باسم المجزى عليه (عليما) بما يستحقونه من الثواب على الطاعات، فلا يضيع عنده شئ منها، عن قتادة، وغيره. وقيل: معناه إنه يشكر القليل من أعمالكم، ويعلم ما ظهر وما بطن من أفعالكم، وأقوالكم، ويجازيكم عليها. وقال الحسن: معناه أنه يشكر خلقه على طاعتهم، مع غناه عنهم (1)، فيعلم بأعمالهم.
(لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما [148] إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفوا قديرا [149] القراءة: القراءة على ضم الظاء من (ظلم). وروي عن ابن عباس، وسعيد بن جبير، والضحاك، وعطاء بن السائب، وغيرهم: (إلا من ظلم) بفتح الظاء واللام.