مذهب المجبرة، والقائلين بأن الله يريد أن يعصي أنبياءه قوم، ويطيعهم آخرون.
وذكر الحسن في هذه الآية أن اثني عشر رجلا من المنافقين، ائتمروا فيما بينهم، واجتمعوا على أمر مكيدة لرسول الله، فأتاه جبرائيل، فأخبره بها، فقال عليه السلام: " إن قوما دخلوا يريدون أمرا لا ينالونه فليقوموا وليستغفروا الله وليعترفوا بذلك حتى أشفع لهم "، فلم يقوموا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مرارا: ألا تقومون؟ فلم يقم أحد منهم، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: قم يا فلان، قم يا فلان، حتى عد اثني عشر رجلا. فقاموا وقالوا:
كنا عزمنا على ما قلت، ونحن نتوب إلى الله من ظلمنا، فاشفع لنا. فقال: الآن أخرجوا عني، أنا كنت في أول أمركم أطيب نفسا بالشفاعة، وكان الله أسرع إلى الإجابة. فخرجوا عنه حتى لم يرهم.
وفي الآية دلالة على أن مرتكب الكبيرة، يجب عليه الاستغفار، فإن الله سيتوب عليه بأن يقبل توبته. ويدل أيضا على أن مجرد الاستغفار لا يكفي مع كونه مصرا على المعصية، لأنه لم يكن ليستغفر لهم الرسول، ما لم يتوبوا، بل ينبغي أن يتوب ويندم على ما فعله، ويعزم في القلب على أن لا يعود أبدا إلى مثله، ثم يستغفر الله باللسان، ليتوب الله عليه.
(فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما [65] اللغة: شجر الامر، شجرا، وشجورا: إذا اختلط. وشاجره في الامر: إذا نازعه، وتشاجروا فيه. وكل ذلك لتداخل كلام بعضهم في بعض، كتداخل الشجر بالتفافه. وأصل الحرج: الضيق، وفي الحديث: " حدثوا عن بني إسرائيل، ولا حرج " أي لا ضيق. وقيل: لا إثم.
الاعراب: (لا). دخلت في أول الكلام، لأنها رد لكلام، فكأنه قيل: فليس الامر كما يزعمون أنهم آمنوا، وهم يخالفون حكمك، ثم استأنف القسم فقال (وربك لا يؤمنون) وقيل: إن (لا) ههنا توطئة للنفي الذي يأتي فيما بعد، لان ذكر النفي في أول الكلام وآخره، أوكد، فإن النفي يقتضي أن يكون له صدر الكلام.
وقد اقتضى القسم أن يكون النفي في الجواب. و (تسليما): مصدر مؤكد، والمصادر المؤكدة بمنزلة ذكرك للفعل ثانيا، ومن حق التوكيد أن يكون محققا لما