بشك، أو إثم، عن أبي علي الجبائي، وهو الوجه (مما قضيت): أي حكمت.
(ويسلموا تسليما): أي ينقادوا لحكمك إذعانا لك، وخضوعا لأمرك.
وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال: " لو أن قوما عبدوا الله، وأقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وصاموا شهر رمضان، وحجوا البيت، ثم قالوا لشئ صنعه رسول الله ألا صنع خلاف ما صنع، أو وجدوا من ذلك حرجا في أنفسهم، لكانوا مشركين "، ثم تلا هذه الآية.
(ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا [66] وإذا لأتينهم من لدنا أجرا عظيما [67] ولهديناهم صراطا مستقيما [68] القراءة: قرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر، والكسائي، (أن اقتلوا) بضم النون، (أو اخرجوا) بضم الواو. وقرأ عاصم، وحمزة بكسرهما. وقرأ أبو عمرو بكسر النون، وضم الواو. وقرأ ابن عامر وحده: (إلا قليلا) بالنصب. وهو كذلك في مصاحف أهل الشام. وقرأ الباقون بالرفع.
الحجة: قال أبو علي: أما فصل أبي عمرو بين الواو والنون، فلأن الضم بالواو أحسن، لأنها تشبه واو الضمير. والجمهور في واو الضمير على الضم، نحو لا تنسوا الفضل بينكم. وقال: وإنما ضمت النون، لأنها مكان الهمزة التي ضمت، لضم الحرف الثالث، فجعلت بمنزلتها، وإن كانت منفصلة. وفي الواو هذا المعنى. والمعنى الذي أشرنا إليه من مشابهته واو الضمير والضمة، في سائر هذه، أحسن، لأنها في موضع الهمزة. قال أبو الحسن: وهي لغة حسنة، وهي أكثر في الكلام، وأقيس. ووجه قول من كسر أن هذه الحروف منفصلة من الفعل المضموم الثالث والهمزة متصلة بها، فلم يجروا المنفصل مجرى المتصل. قال: والوجه في قوله (إلا قليل) الرفع على البدل، فكأنه قال: ما فعله إلا قليل، فإن معنى ما أتاني أحد إلا زيد، وما أتاني إلا زيد واحد. ومن نصبه فإنه جعل النفي بمنزلة الإيجاب، فإن قولك: ما أتاني أحد، كلام تام، كما أن جاءني القوم، كذلك. فنصب مع النفي، كما نصب مع الإيجاب.