وثانيها: إن المراد زينت له نفسه قتل أخيه وثالثها: إن المراد ساعدته نفسه، وطاوعته نفسه على قتله أخاه، فلما حذف حرف الجر، نصب قتل أخيه.
ومن قال: إن معناه زينت له، فيكون قتل أخيه مفعولا به. (فقتله) قال مجاهد: لم يدر قابيل كيف يقتله حتى ظهر له إبليس في صورة طير، فأخذ طيرا آخر، وترك رأسه بين حجرين، فشدخه، ففعل قابيل مثله. وقيل: هو أول قتيل كان في الناس (فأصبح من الخاسرين) أي: صار ممن خسر الدنيا والآخرة، وذهب عنه خيرهما، واستدل بعضهم بقوله: (فأصبح)، على أنه قتله ليلا، وهذا ليس بشئ، لان من عادة العرب أن يقولوا: أصبح فلان خاسر الصفقة: إذا فعل أمرا كانت ثمرته الخسران، يعنون حصوله كذلك، لا أنه تعلق بوقت دون وقت.
(فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوءة أخيه قال يا ويلتي أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوءة أخي فأصبح من الندمين [31] اللغة: أصل البحث: طلب الشئ في التراب، ثم يقال: بحثت عن الامر بحثا وأصل السوأة: التكره، يقال ساءه يسوءه سوءا: إذا أتاه بما يتكرهه. قال سيبويه: الويل كلمة تقال عند الهلكة. وعجزت عن الامر: أعجز، عجزا، ومعجزة، ومعجزة.
الاعراب: قال الزجاج: (يا ويلتي)! الوقف عليها في غير القرآن: يا ويلتاه!
والنداء لغير الآدميين نحو: يا حسرتاه! ويا ويلتاه! إنما وقع في كلام العرب على تنبيه المخاطبين، وأن الوقت الذي تدعى له هذه الأشياء، هو وقتها. فالمعنى: يا ويلتي تعالي، فإنه من أوانك أي: قد لزمني الويل، وكذلك يا عجباه! المعنى يا أيها العجب! هذا وقتك، هذا على كلام العرب. وقرأ الحسن: (يا ويلتي)!
مضافا، وذكر الأزهري أنهما بمعنى.
المعنى: (فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه) قالوا: كان هابيل أول ميت من الناس، فلذلك لم يدر قابيل كيف يواريه، وكيف يدفنه، حتى بعث الله غرابين أحدهما حي، والآخر ميت. وقيل: كانا حيين، فقتل أحدهما صاحبه، ثم