الفقير شفقة عليه، ونظرا له، ولا من إقامة الشهادة للغني لاستغنائه عن المشهود به، فإن الله تعالى أمركم بذلك مع علمه بغناء الغني، وفقر الفقير، فراعوا أمره فيما أمركم به، فإنه أعلم بمصالح العباد منكم.
(فلا تتبعوا الهوى): يعني هوى الأنفس في إقامة الشهادة، فتشهدوا على انسان لإحنة (1) بينكم وبينه، أو وحشة، أو عصبية، وتمتنعوا الشهادة له، لأحد هذه المعاني، وتشهدوا للانسان بغير حق، لميلكم إليه، بحكم صداقة أو قرابة (أن تعدلوا) أي: لأن تعدلوا يعني لأجل أن تعدلوا في الشهادة. قال الفراء: " هذا كقولهم لا تتبع هواك لترضي ربك ". أي كيما ترضي ربك. وقيل: إنه من العدول:
الذي هو الميل والجور. ومعناه: ولا تتبعوا الهوى في أن تعدلوا عن الحق، أو لأن تعدلوا عن الحق (وإن تلووا) أي تمطلوا في أداء الشهادة، (أو تعرضوا) عن أدائها، عن ابن عباس، ومجاهد. وقيل: إن الخطاب للحكام أي: وإن تلووا أيها الحكام في الحكم لأحد الخصمين، على الآخر، (أو تعرضوا) عن أحدهما إلى الآخر، عن ابن عباس، والسدي. وقيل معناه: ان تلووا أي تبدلوا الشهادة، أو تعرضوا، أي تكتموها، عن ابن زيد، والضحاك، وهو المروي عن أبي جعفر.
(فإن الله كان بما تعملون خبيرا) معناه: إنه كان عالما بما يكون منكم من إقامة الشهادة، أو تحريفها، والاعراض عنها.
وفي هذه الآية دلالة على وجوب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وسلوك طريقة العدل في النفس والغير. وقد روي عن ابن عباس في معنى قوله (وإن تلووا أو تعرضوا) إنهما الرجلان، يجلسان بين يدي القاضي، فيكون لي القاضي وإعراضه لأحدهما عن الآخر.
(يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتب الذي نزل على رسوله والكتب الذي أنزل من قبل ومن يكفر بالله وملئكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضللا بعيدا [136] القراءة: قرأ ابن كثير، وابن عامر، وأبو عمرو (2) (أنزل) بالضم، وكسر