في الكثير من الحرام بركة، ويكون في القليل من الحلال بركة. وقيل: إن الخطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والمراد أمته (فاتقوا الله) أي: فاجتنبوا ما حرم الله عليكم (يا أولي الألباب) يا ذوي العقول (لعلكم تفلحون) أي: لتفلحوا وتفوزوا بالثواب العظيم، والنعيم المقيم.
(يا أيها الذين آمنوا لا تسئلوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسئلوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها والله غفور حليم [101] اللغة: أبدى الشئ: إذا أظهره، وبدا يبدو بدوا: إذا ظهر. وبدا له رأيه بداء: إذا تغير رأيه، لأنه ظهر له. والبادية: خلاف الحاضرة. والبدو: خلاف الحضر. من الظهور، ومنه قوله تعالى (وبدا لهم سيئات ما عملوا وحاق) الآية (1)، ولم يجئ في أقوال العرب البداء بمعنى الندامة، وتغير الرأي، وإذا كان لفظ البداء يطلق على الله، فالمراد به الإرادة والظهور، دون ما يظن قوم من الجهال، وعليه تشهد أقوال العرب وأشعارهم، فمن ذلك:
قل ما بدا لك من زور ومن كذب * حلمي أصم، وأذني غير صماء (2) وأمثال ذلك، والله أعلم.
الاعراب: أشياء: في موضع جر إلا أنها فتحت لأنها لا تنصرف، قال الكسائي: (أشياء أشياء آخرها آخر حمراء)، وكثر استعمالها فلم تصرف، وقد أجمع البصريون على أن قوله هذا خطأ، ألزموه أن لا يصرف أبناء وأسماء. وقال الخليل:
إن أشياء اسم للجمع كان أصله شيآء على فعلاء، مثل الطرفاء، والقصباء، والحلفاء، في أنها على لفظ الآحاد، والمراد الجمع، فاستثقلت الهمزتان بينهما ألف، وليس بحاجز قوي، لأجل أنه ساكن، ومن جنس الهمزة، ألا تراه يعود إليها إذا تحركت، واستثقلت فقدموا الهمزة التي هي لام الفعل، إلى أول الكلمة، فقالوا أشياء، ووزنها لفعاء، كما قالوا في أنوق أينق، وفي أقوس قسي، وهو مذهب سيبويه، والمازني، وجميع البصريين قالوا: والدلالة على أن أشياء اسم مفرد ما روي من تكسيرها على أشاوى، كما كسروا صحراء على صحارى، حيث كانت مثلها