قسمتي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك، ولا أملك " قوله: (وإن تصلحوا) يعني في القسمة بين الأزواج، والتسوية بينهن في النفقة، وغير ذلك (وتتقوا) الله في أمرهن، وتتركوا الميل الذي نهاكم الله عنه، في تفضيل واحدة على الأخرى، (فإن الله كان غفورا رحيما) يستر عليكم ما مضى منكم من الحيف في ذلك، إذا تبتم ورجعتم إلى الاستقامة، والتسوية بينهن، ويرحمكم بترك المؤاخذة على ذلك، وكذلك كان يفعل فيما مضى مع غيركم.
وروي عن جعفر الصادق عليه السلام، عن آبائه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقسم بين نسائه في مرضه، فيطاف به بينهن. وروي أن عليا كان له امرأتان، فكان إذا كان يوم واحدة، لا يتوضأ في بيت الأخرى. وكان معاذ بن جبل له امرأتان ماتتا في الطاعون، فأقرع بينهما أيهما تدفن قبل الأخرى. وقوله: (وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته) يعني: إذا أبى كل واحد من الزوجين مصلحة الآخر، بأن تطالب المرأة بنصيبها من القسمة، والنفقة، والكسوة، وحسن العشرة، ويمتنع الرجل من إجابتها إلى ذلك، ويتفرقا حينئذ بالطلاق، فإنه سبحانه يغني كل واحد منهما من سعته أي: من سعة فضله ورزقه (وكان الله واسعا حكيما) أي لم يزل واسع الفضل على العباد، حكيما فيما يدبرهم به.
وفي هذه الآية دلالة على أن الأرزاق كلها بيد الله، وهو الذي يتولاها بحكمته.
وإن كان ربما أجراها على يدي من يشاء من بريته.
(ولله ما في السماوات وما في الأرض ولقد وصينا الذين أوتوا الكتب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات وما في الأرض وكان الله غنيا حميدا [131] ولله ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا [132] المعنى: ثم ذكر سبحانه بعد اخباره بإغناء كل واحد من الزوجين بعد الافتراق من سعة فضله، ما يوجب الرغبة إليه في ابتغاء الخير منه فقال: (ولله ما في السماوات وما في الأرض) إخبارا عن كمال قدرته، وسعة ملكه، أي: فإن من يملك ما في السماوات، وما في الأرض، لا يتعذر عليه الإغناء بعد الفرقة، والإيناس بعد