دون الأغنياء، فعظم ذلك على الأغنياء، حتى شكوا وشككوا الناس فيها، فأوحى الله إلى عيسى: إني شرطت على المكذبين شرطا أن من كفر بعد نزولها أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين. فقال عيسى: (إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم) فمسخ منهم ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون رجلا باتوا من ليلهم على فرشهم مع نسائهم في ديارهم، فأصبحوا خنازير، يسعون في الطرقات والكناسات، ويأكلون العذرة في الحشوش.
فلما رأى الناس ذلك فزعوا إلى عيسى، وبكوا وبكى على الممسوخين أهلوهم، فعاشوا ثلاثة أيام ثم هلكوا. وفي تفسير أهل البيت عليهم السلام: " كانت المائدة تنزل عليهم، فيجتمعون عليها، ويأكلون منها، ثم ترتفع. فقال كبراؤهم ومترفوهم: " لا ندع سفلتنا يأكلون منها معنا "، فرفع الله المائدة ببغيهم، ومسخوا قردة وخنازير ".
(وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحنك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علم الغيوب [116] ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شئ شهيد [117] إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم [118] اللغة: النفس: تقع على وجوه: فالنفس نفس الانسان وغيره من الحيوان، وهي التي إذا فارقها خرج من كونه حيا، ومنه قوله (كل نفس ذائقة الموت).
والنفس أيضا: ذات الشئ الذي يخبر عنه، كقولهم فعل ذلك فلان نفسه. والنفس أيضا: الإرادة كما في قوله الشاعر:
فنفساي نفس قالت ائت ابن بجدل * تجد فرجا من كل غمي تهابها (1)