العقوبة لهن، ثم نسخ، عن الأصم. وقيل: هو من الحبس والامساك على ما تقدم في قوله (فأمسكوهن في البيوت) عن أبي علي الجبائي، وأبي مسلم إلا أن أبا علي قال: إنها منسوخة، وأبى أبو مسلم النسخ.
(وعاشروهن بالمعروف): أي خالطوهن: من العشرة التي هي المصاحبة بما أمركم الله به، من أداء حقوقهن التي هي النصفة في القسم، والنفقة، والإجمال في القول والفعل. وقيل: المعروف أن لا يضر بها، ولا يسئ القول فيها، ويكون منبسط الوجه معها. وقيل: هو أن يتصنع لها كما تتصنع له.
(فإن كرهتموهن) أي كرهتم صحبتهن وإمساكهن (فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه): أي في ذلك الشئ، وهو إمساكهن على كره منكم (خيرا كثيرا) من ولد يرزقكم، أو عطف لكم عليهن بعد الكراهة، وبه قال ابن عباس، ومجاهد.
فعلى هذا يكون المعنى: إن كرهتموهن، فلا تعجلوا طلاقهن، لعل الله يجعل فيهن خيرا كثيرا. وفي هذا حث للأزواج على حسن الصبر فيما يكرهون من الأزواج، وترغيبهم في إمساكهن، مع كراهة صحبتهن، إذا لم يخافوا في ذلك من ضرر على النفس، أو الدين، أو المال. ويحتمل أن يكون الهاء عائدا إلى الذي تكرهونه: أي عسى أن يجعل الله فيما تكرهونه خيرا كثيرا، والمعنى مثل الأول.
وقيل المعنى: ويجعل الله في فراقكم لهن خيرا، عن الأصم، قال: ونظيره (وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته) قال القاضي: وهذا بعيد، لان الله تعالى حث على الاستمرار على الصحبة، فكيف يحث على المفارقة.
(وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتنا وإثما مبينا [20] وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا [21] اللغة: القنطار: مأخوذ من القنطرة، ومنه القنطر للداهية، لأنها كالقنطرة في عظم الصورة، ويقال: قنطر في الامر، يقنطر، إذا عظمه بتكثير الكلام فيه، من غير حاجة إليه. والبهتان: الكذب الذي يواجه به صاحبه على وجه المكابرة له، وأصله