بأمره وإرادته. فأما الامر الواحد، فلا يكون على الحقيقة من أمرين، كما أن الفعل الواحد لا يكون من فاعلين (ومن تولى) أي: ومن أعرض، ولم يطع (فما أرسلناك عليهم حفيظا): أي حافظا لهم من التولي، حتى يسلموا، عن ابن زيد، قال:
فكان هذا أول ما بعث، كما قال في موضع آخر: (إن عليك إلا البلاغ) ثم أمر فيما بعد بالجهاد. وقيل: معناه ما أرسلناك حافظا لأعمالهم التي يقع الجزاء عليها، فتخاف أن لا تقوم بها، لأنا نحن نجازيهم عليها. وقيل: حافظا لهم من المعاصي حتى لا تقع، عن الجبائي.
وفي هذه الآية تسلية للنبي في تولي الناس عنه، مع ما فيه من تعظيم شأنه، بكون طاعته طاعة الله، ثم بين أن المنافقين أظهروا طاعته، وأضمروا خلافه، بقوله: (ويقولون طاعة) يعني به المنافقين، عن الحسن، والسدي، والضحاك.
وقيل: المراد به المسلمون الذين حكى عنهم أنهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية، يقولون أمرك طاعة، كأنهم قالوا: قابلنا أمرك بالطاعة (فإذا برزوا): أي خرجوا (من عندك بيت طائفة منهم): أي قدر جماعة منهم ليلا (غير الذي تقول): أي غير ما تقولون على جهة التكذيب، عن الحسن، وقتادة. وقيل: معناه غيروا بالليل، وبدلوا ما قالوه، بأن أضمروا الخلاف عليك، فيما أمرتهم به، ونهيتهم عنه، عن ابن عباس، وقتادة، والسدي. وقيل: دبروا ليلا غير ما أعطوك نهارا، عن أبي عبيدة، والقتيبي.
(والله يكتب ما يبيتون) في اللوح المحفوظ، ليجازيهم به. وقيل: يكتبه بأن ينزله إليك في الكتاب، عن الزجاج. (فأعرض عنهما) أمر الله نبيه بالإعراض عنهم، وأن لا يسميهم بأعيانهم إبقاء عليهم، وسترا لأمورهم إلى أن يستقر أمر الاسلام (وتوكل على الله): أي فوض أمرك إليه، وثق به (وكفى بالله وكيلا): أي حفيظا لما تفوضه إليه من التدبير.
(أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلفا كثيرا [82] وإذا جاءهم أمر من الامن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا [83]