إضلالهم إلى الشيطان، فلو كان الله قد أضلهم بخلق الضلالة فيهم على ما يقوله المجبرة، لنسب إضلالهم إلى نفسه دون الشيطان، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
(وإذا قيل لهم): أي المنافقين (تعالوا إلى ما أنزل الله) في القرآن من الاحكام (وإلى الرسول) في حكمه (رأيت) يا محمد (المنافقين يصدون عنك صدودا):
أي يعرضون عنك: أي عن المصير إليك إلى غيرك، إعراضا.
(فكيف إذا أصبتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاؤوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحسنا وتوفيقا [62] أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا [63] اللغة: الحلف: القسم، ومنه الحليف لتحالفهم فيه على الامر. وأصل البلاغة: البلوغ، يقال بلغ الرجل بالقول، يبلغ، بلاغة، فهو بليغ: إذا صار يبلغ بعبارته كثيرا من ما في قلبه. ويقال: أحمق بلغ وبلغ: إذا كان مع حماقته يبلغ حيث يريد. وقيل: معناه قد بلغ في الحماقة.
الإعراب: موضع (كيف): رفع بأنه خبر مبتدأ محذوف، والتقدير فكيف صنيعهم إذا أصابتهم مصيبة، فكأنه قال: الإساءة صنيعهم بالجرأة على كذبهم، أم الاحسان صنيعهم بالتوبة من جرمهم. ويجوز أن يكون موضع (كيف) نصبا، وتقديره: كيف يكونوا أمصرين أم تائبين يكونون. ولو قلت إنه رفع على معنى كيف بك؟ كأنه قال: أصلاح بك، أم فساد بك، فيكون مبتدأ محذوف الخبر.
و (يحلفون): في موضع نصب على الحال. وإن أردنا إلا إحسانا جواب القسم، و (إحسانا): مفعول به: أي أردنا إحسانا.
المعنى: ثم عطف تعالى على ما تقدم بقوله (فكيف) صنيع هؤلاء (إذا أصابتهم مصيبة): أي نالتهم من الله عقوبة (بما قدمت أيديهم): بما كسبت أيديهم من النفاق، وإظهار السخط لحكم النبي (ثم جاؤوك) يا محمد (يحلفون): يقسمون (بالله إن أردنا إلا إحسانا): أي ما أردنا بالتحاكم إلى غيرك إلا التخفيف عنك، فإنا نحتشمك برفع الصوت في مجلسك، ونقتصر على من