المراد به كل من طلب غير حكم الله، فإنه يخرج منه إلى حكم الجاهلية، وكفى بذلك (1) أن يحكم بما يوجبه الجهل دون ما يوجبه العلم (ومن أحسن من الله حكما) أي: لا أحد حكمه أحسن من حكم الله (لقوم يوقنون) أي: عند قوم أقيمت اللام مقام عند، عن الجبائي. وهذا جائز إذا تقاربت المعاني، وارتفع اللبس، فإذا قيل:
الحكم لهم، فلأنهم يستحسنونه، وإذا قيل: عندهم فلان عندهم العلم بصحته.
(يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين [51] فترى الذين في قلوبهم مرض يسرعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين [52] ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمنهم إنهم لمعكم حبطت أعملهم فأصبحوا خاسرين [53] القراءة: قرأ ابن عامر، وابن كثير، ونافع: (يقول) بلا واو. والباقون بالواو، وكلهم قرأ بضم اللام، إلا أبا عمرو، فإنه فتحها.
الحجة: من حذف الواو من قوله (ويقول الذين آمنوا) فلأن في الجملة المعطوفة ذكرا من المعطوف عليها، وذلك إن من وصف بقوله (يسارعون) إلى قوله (نادمين) هم الذين قال فيهم (الذين آمنوا أهؤلاء الذي أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم) فلما صار في كل واحدة من الجملتين، ذكر من الأخرى، حسن عطفها بالواو، وبغير الواو كما أن قوله (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم) لما كان في كل واحدة من الجملتين، ذكر مما تقدم، اكتفى بذلك عن الواو، لأنهما بالذكر وملابسة بعضهما ببعض، قد ترتبط إحداهما بالأخرى، كما ترتبط بحرف العطف، ويدلك على حسن دخول الواو قوله تعالى (وثامنهم كلبهم) فحذف الواو من (ويقول) كحذفها في هذه الآية، وإلحاقها كالحاقها فيها.
والوجه في قراءة أبي عمرو (ويقول) بالنصب: أن يحمله على أن تكون (أن