مستحلين اصطيادها في حال الاحرام، ومن قال: إنه حال من (يتلى عليكم) فمعناه: أحلت لكم بهيمة الأنعام كلها، إلا ما يتلى عليكم من الصيد في آخر السورة، غير مستحلين اصطيادها في حال إحرامكم (إن الله يحكم ما يريد) معناه:
إن الله يقضي في خلقه ما يشاء من تحليل ما يريد، وتحريم ما يريد تحريمه، وإيجاب ما يريد إيجابه، وغير ذلك من أحكامه وقضاياه، فافعلوا ما أمركم به، وانتهوا عما نهاكم عنه في قوله (أحلت لكم بهيمة الأنعام) دلالة على تحليل أكلها وذبحها، والانتفاع بها.
(يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا وإذا حللتم فاصطادوا ولا يجرمنكم شنئان قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب [2] القراءة: قرأ ابن عامر، وأبو بكر، عن عاصم، وإسماعيل، عن نافع (شنآن) بسكون النون الأولى في موضعين، والباقون (شنآن) بفتحها. وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو: (إن صدوكم) بكسر الهمزة، والباقون بفتحها.
الحجة: من قرأ (شنآن) بالفتح، فحجته أنه مصدر، والمصدر يكثر على فعلان، نحو: الضربان، والغليان. ومن قرأ (شنآن) فحجته أن المصدر يجئ على فعلان أيضا نحو: الليان كقول الشاعر (1):
وما العيش إلا ما تلذ وتشتهي * وإن لام فيه ذو الشنان وفندا (2) يدل على أن الشنان بالسكون أيضا، فخفف الهمزة، وألقى حركتها على الساكن قبلها على القياس، فيكون المعنى في القراءتين واحدا. وقوله (أن صدوكم) (3) وإن كان ماضيا، فإن الماضي قد يقع في الجزاء، وليس المراد على أن