كفر، وإن قالوا على وجه الخلاف، فإنه فسق. وأما قوله سبحانه: (قاتلهم الله أنى يؤفكون) فإنه مجاز، والمعنى: إنه يعاديهم عداوة المقاتل، ويحل بهم ما يحله المقاتل المستعلي بالاقتدار، وعظم السلطان، بمن يقاتله.
(قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين [25] قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين [26] اللغة: أصل التيه: التحير الذي لا يهتدى لأجله للخروج عن الطريق إلى الغرض المقصود، يقال: تاه، يتيه، تيها، وتيوها: إذا تحير. وتيهته وتوهته، والياء أكثر. والتيهاء من الأرض: وهي التي لا يهتدى فيها، وأرض تيهاء. والأسى:
الحزن، يقال أسي، يأسى، أسا: إذا حزن، قال امرؤ القيس:
وقوفا بها صحبي علي مطيهم * يقولون لا تهلك أسى، وتجمل الاعراب: (أخي): يجوز أن يكون في موضع رفع، ويجوز أن يكون في موضع نصب، ورفعه من وجهين أحدهما: أن يكون عطفا على موضع (إني)، ومثله: (إن الله برئ من المشركين ورسوله). والآخر: أن يكون معطوفا على ما في (أملك) أي: لا أملك أنا وأخي إلا أنفسنا، ونصبه أيضا من وجهين:
أحدهما: أن يكون عطفا على الياء في (إني) أي: إني وأخي لا نملك إلا أنفسنا والآخر: أن يكون عطفا على (نفسي) أي: لا أملك إلا نفسي، ولا أملك إلا أخي، و (أربعين) نصب على الظرف، والعامل فيه قوله: (يتيهون) وقيل: هو منصوب بقوله (محرمة). قال الزجاج: هذا خطأ، لأنه جاء في التفسير أنها محرمة عليهم أبدا.
المعنى: ثم ذكر سبحانه دعاء موسى على قومه، عند مخالفتهم إياه، فقال تعالى: (قال) أي: قال موسى عليه السلام إذ غضب على قومه (رب إني لا أملك إلا نفسي) أي: لا أملك إلا تصريف نفسي في طاعتك، لأنها التي تجيبني إذا دعوت (وأخي) أي: وأخي كذلك لا يملك إلا نفسه، أو يكون معناه: ولا أملك أيضا إلا أخي، لأنه يجيبني إذا دعوت (فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين) أي: فافصل بيننا