يدخل فيهم النقباء عن أكثر المفسرين أي: قال الله لهم، فحذف لدلالة الكلام عليه، إني معكم بالنصر والحفظ، أنصركم على عدوي وعدوكم، الذين أمرتكم بقتلهم، إن قاتلتموهم ووفيتم بعهدي وميثاقي الذي أخذته عليكم.
ثم ابتدأ سبحانه فقال (لئن أقمتم الصلاة) يا معشر بني إسرائيل (وآتيتم الزكاة) أي: أعطيتموها (وآمنتم برسلي) أي: صدقتم بما أتاكم به رسلي من شرائع ديني. وقيل: إنه خطاب للنقباء (وعزرتموهم) أي: نصرتموهم، عن الحسن، ومجاهد، والزجاج. وقيل: عظمتموهم، ووقرتموهم، وأطعتموهم، عن ابن زيد، وأبي عبيدة (وأقرضتم الله قرضا حسنا) أي: أنفقتم في سبيل الله وأعمال البر نفقة حسنة، يجازيكم بها، فكأنه قرض من هذا الوجه. وقيل: معنى قوله حسنا عفوا عن طيبة نفس، وان لا يتبعه من، ولا أذى. وقيل: يعني حلالا (لأكفرن عنكم سيئاتكم) أي: لأعطين على ما مضى من اجرامكم بعفوي واسقاطي عنكم، وبال ذلك (ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار) ظاهر المعنى (فمن كفر بعد ذلك منكم) أي: بعد بعث النقباء وأخذ الميثاق (فقد ضل سواء السبيل) أي:
أخطأ قصد الطريق الواضح، وزال عن منهاج الحق. وفي هذا دلالة وإشارة إلى أن الحق بين الغلو والتفريط، كما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام: " اليمين والشمال مضلة، والطريق الوسطى هي الجادة " إلى آخر كلامه.
(فبما نقضهم ميثاقهم لعنهم وجعلنا قلوبهم قسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين [13] القراءة: قرأ حمزة، والكسائي: (قسية) بغير ألف. وقرأ الباقون: (قاسية) بالألف.
الحجة: حجة من قرأ (قسية) أن فعيلا قد يجئ بمعنى فاعل مثل: شاهد وشهيد، وعالم وعليم، وعارف وعريف. ومن قرأ (قاسية) فلأنه الأعرف، والأكثر في مجرى العادة.
العادة: القسوة: خلاف اللين، والرقة، وأنشد أبو عبيدة " وقد قسوت وقسا