المعنى: لما بين سبحانه حكم الميراث، وفضل بعضهم على بعض في ذلك، ذكر تحريم التمني الذي هو سبب التباغض، فقال: (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض): أي لا يقل أحدكم: ليت ما أعطي فلان من المال، والنعمة، والمرأة الحسناء كان لي، فإن ذلك يكون حسدا، ولكن يجوز أن يقول: اللهم أعطني مثله، عن ابن عباس، وهو المروي عن أبي عبد الله عليه السلام. وقيل: إن المعنى لا يجوز للرجل أن يتمنى ان لو كان امرأة، ولا للمرأة أن تتمنى أن لو كانت رجلا، لان الله لا يفعل إلا ما هو الأصلح، فيكون قد تمنى ما ليس بأصلح، أو ما يكون مفسدة، عن البلخي. ويمكن أن يقال في ذلك: إنه يجوز ذلك بشرط، أن لا يكون مفسدة، كما يقوله في حسن السؤال، سواء (للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن) قيل فيه وجوه:
أحدها: إن المعنى: لكل حظ من الثواب على حسب ما كلفه الله من الطاعات بحسن تدبيره، فلا تتمنوا خلاف هذا التدبير، لما فيه من حرمان الحظ الجزيل، عن قتادة وثانيها: إن لكل فريق من الرجال والنساء نصيبا مما اكتسب من نعيم الدنيا بالتجارات، والزراعات، وغير ذلك من أنواع المكاسب، فينبغي أن يقنع كل منهم، ويرضى بما قسم الله له. وثالثها: إن لكل منهما نصيبا من الميراث على ما قسمه الله، عن ابن عباس. فالاكتساب على هذا القول بمعنى الإصابة والاحراز.
(واسألوا الله من فضله): معناه إن احتجتم إلى ما لغيركم، وأعجبكم أن يكون لكم مثل ما له، فاسألوا الله أن يعطيكم مثل ذلك من فضله، بشرط أن لا يكون فيه مفسدة لكم، ولا لغيركم، لان المسألة لا تحسن إلا كذلك. وجاء في الحديث، عن ابن مسعود، عن النبي قال: " سلوا الله من فضله، فإنه يحب أن يسأل وأفضل العبادة انتظار الفرج ". وقال سفيان بن عيينة: لم يأمرنا بالمسألة الا ليعطي. (إن الله كان بكل شئ عليما): معناه أن الله عليم بكل شئ، ولم يزل كذلك، فيعلم ما تظهرونه وما تضمرونه من الحسد، ويقسم الأرزاق بين العباد على ما يعلم فيه من الصلاح والرشاد، فلا يتمنى أحدكم ما قسم لغيره، فإنه لا يحصل من تمنيه إلا الغم والاثم.
(ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم إن الله كان على كل شئ شهيدا [33]