اللغة: عنى بالبحر: جميع المياه، والعرب تسمي النهر بحرا، ومنه قوله:
(ظهر الفساد في البر والبحر) والأغلب في البحر أن يكون ماؤه ملحا، ولكن إذا أطلق، دخل فيه الأنهار. والسيارة: المسافرون.
الاعراب: (متاعا): نصب على المصدر، لأن قوله (أحل لكم) يدل على أنه قد متعهم به كما أنه لما قال (حرمت عليكم أمهاتكم) كان دليلا على أنه كتب عليهم فقال: كتاب الله عليكم.
المعنى: ثم بين سبحانه ما يحل من الصيد، وما لا يحل، فقال: (أحل لكم صيد البحر) أي: أبيح لكم صيد الماء، وإنما أحل بهذه الآية الطري من صيد البحر، لان العتيق لا خلاف في كونه حلالا، عن ابن عباس، وزيد بن ثابت، وسعيد بن جبير، وسعيد بن المسيب، وقتادة، ومجاهد. (وطعامه) يعني: طعام البحر. ثم اختلف فيه، فقيل: يريد به ما قذفه البحر ميتا، عن ابن عباس، وابن عمر، وقتادة. وقيل: يريد به المملوح، عن ابن عباس في رواية أخرى، وسعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وهو الذي يليق بمذهبنا، وإنما سمي طعاما لأنه يدخر ليطعم، فصار كالمقتات من الأغذية، فيكون المراد بصيد البحر:
الطري، وبطعامه: المملوح، لان عندنا لا يجوز أكل ما يقذف به البحر ميتا للمحرم وغير المحرم. وقيل: المراد بطعامه ما ينبت بمائه من الزرع والثمار.
(متاعا لكم وللسيارة) قيل: معناه منفعة للمقيم والمسافر، عن قتادة، وابن عباس، والحسن. وقيل: لأهل الأمصار، وأهل القرى. وقيل: للمحل والمحرم (وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما) هذا يقتضي تحريم الاصطياد في حال الإحرام، وتحريم أكل ما صاده الغير، وبه قال علي، وابن عباس، وابن عمر، وسعيد بن جبير. وقيل: إن لحم الصيد لا يحرم على المحرم، إذا صاده غيره، عن عمر، وعثمان، والحسن. والصيد: قد يكون عبارة عن الاصطياد، فيكون مصدرا، ويكون عبارة عن المصيد، فيكون اسما، ويجب حمل الآية على الأمرين وتحريم الجميع (واتقوا الله الذي إليه تحشرون) هذا أمر منه تعالى بأن يتقي جميع معاصيه، ويجتنب جميع محارمه، لأن إليه الرجوع في الوقت الذي لا يملك أحد فيه الضر والنفع سواه، وهو يوم القيامة، فيجازي المحسن بإحسانه، والمسئ بإساءته.
(جعل الله الكعبة البيت الحرام قيما للناس والشهر الحرام والهدي