كانوا على بصيرة من ذلك. وفي هذه الآية دلالة على جواز الحجر على اليتيم إذا بلغ، ولم يؤنس منه الرشد، لأن الله منع من دفع المال إلى السفهاء، وفيها أيضا دلالة على وجوب الوصية، إذا كانت الورثة سفهاء، لأن ترك الوصية والحال هذه، بمنزلة إعطاء المال أهل السفه، وإنما سمي الناقص العقل سفيها، لأن السفه خفة الحلم، ولذلك سمي الفاسق أيضا سفيها، لأنه لا وزن له عند أهل الدين.
(وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى بالله حسيبا [6] اللغة: الإيناس: الإبصار، من قوله (آنس من جانب الطور نارا) أخذ من انسان العين، وهو حدقتها، التي تبصر بها، وأنست به أنسا: ألفته. وفي قراءة عبد الله أحستم: أي أحسستم بمعنى وجدتم، فحذف إحدى السينين نحو قوله (فظلتم تفكهون) وأصل الإسراف تجاوز الحد المباح إلى ما لم يبح، وربما كان ذلك في الإفراط، وربما كان في التقصير، غير أنه إذا كان في الإفراط يقال منه أسرف يسرف إسرافا، وإذا كان في التقصير، يقال سرف يسرف سرفا، ويقال مررت بكم فسرفتكم: يراد به سهوت عنكم وأخطأتكم قال الشاعر:
أعطوا هنيدة تحذوها ثمانية * ما في عطائهم من ولا سرف (1) يريد: إنهم يصيبون مواضع الاعطاء فلا يخطؤونها، والبدار: المبادرة، وأصل ذلك الامتلاء، ومنه البدر: القمر لامتلائه نورا. والبدرة: لامتلائها بالمال.
والبيدر: لامتلائه بالطعام. وعين حدرة بدرة مكتنزة. والحسيب: الكافي من قولهم أحسبني الشئ، إذا كفاني. والحسيب من الرجال: المرتفع النسب. وقيل الحسيب: بمعنى المحاسب.
الإعراب: إسرافا: مصدر وضع موضع الحال، وكذلك قوله بدارا، وموضع أن