يتوب إليه، ويطلب منه المغفرة، (يجد الله غفورا رحيما) ثم بين الله تعالى أن جريمتهم، وإن عظمت، فإنها غير مانعة من المغفرة وقبول التوبة إذا استغفروا وتابوا. (ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه) ظاهر المعنى ونظيره: (لا تكسب كل نفس إلا عليها)، (من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها). (وكان الله عليما) بكسبه، (حكيما) في عقابه. وقيل: عليما (1) في قضائه فيهم. وقيل: عليما بالسارق، حكيما في إيجاب القطع عليه.
ثم بين أن من ارتكب إثما، ثم قذف به غيره، كيف يعظم عقابه، فقال:
(ومن يكسب خطيئة) أي: يعمل ذنبا على عمد، أو غير عمد، (أو إثما) أي:
ذنبا تعمده. وقيل: الخطيئة الشرك، والاثم: ما دون الشرك (ثم يرم به بريئا): ثم ينسب ذنبه إلى برئ. وقيل: البرئ هو اليهودي الذي طرح عليه الدرع، عن الحسن، وغيره. وقيل: هو لبيد بن سهل. وقد مضى ذكرهما قبل.
وقوله: (ثم يرم به بريئا) اختلف في الضمير الذي هو الهاء في به فقيل: يعود إلى الاثم أي: بالاثم. وقيل: إلى واحد منهما. وقيل: يعني يكسبه (فقد احتمل بهتانا) كذبا عظيما، يتحير من عظمه. (وإثما مبينا) أي: ذنبا ظاهرا بينا.
وفي هذه الآيات دلالة على أنه تعالى لا يجوز أن يخلق أفعال خلقه، ثم يعذبهم عليها، لأنه إذا كان الخالق لها، فهم براء منها، فلو قيل: إن الكسب مضاف إلى العبد، فجوابه: إن الكسب لو كان مفهوما، وله معنى، لم يخرج العبد بذلك من أن يكون بريئا، لأنه إذا قيل إن الله تعالى أوجد الفعل، وأحدثه، وأوجد الاختيار في القلب، والفعل لا يتجزى، فقد انتفى عن العبد من جميع جهاته.
(ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شئ وأنزل الله عليك الكتب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما [113] لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة