المعنى: لما ذكر سبحانه غناه عن الخلق بأن له ملك السماوات والأرض، عقب ذلك بذكر كمال قدرته على خلقه، وأن له الإهلاك، والإنجاء، والاستبدال بعد الإفناء، فقال (إن يشأ يذهبكم) يعني إن يشأ الله يهلككم (أيها الناس) ويفنكم.
وقيل: فيه محذوف أي: إن يشأ أن يذهبكم، يذهبكم أيها الناس (ويأت بآخرين) أي: بقوم آخرين غيركم، ينصرون نبيه، ويؤازرونه.
ويروى أنه لما نزلت هذه الآية، ضرب النبي يده على ظهر سلمان، وقال: هم قوم هذا يعني عجم الفرس. (وكان الله على ذلك قديرا) أي لم يزل سبحانه، ولا يزال، قادرا على الإبدال والإفناء والإعادة، ثم ذكر سبحانه عظم ملكه وقدرته، بأن جزاء الدارين عنده، فقال: (من كان يريد ثواب الدنيا) أي: الغنيمة والمنافع الدنيوية، أخبر سبحانه عمن أظهر الايمان بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم، من أهل النفاق، يريد عرض الحياة الدنيا، بإظهار ما أظهره من الايمان بلسانه.
(فعند الله ثواب الدنيا والآخرة) أي: يملك سبحانه الدنيا والآخرة، فيطلب المجاهد الثوابين عند الله، عن أبي علي الجبائي. وقيل: إنه وعيد للمنافقين، وثوابهم في الدنيا ما يأخذونه من الفئ والغنيمة، إذا شهدوا الحرب مع المسلمين، وأمنهم على نفوسهم، وأموالهم، وذراريهم، وثوابهم في الآخرة النار (وكان الله سميعا بصيرا) أي: لم يزل على صفة يجب لأجلها أن يسمع المسموعات، ويبصر المبصرات، عند الوجود، وهذه الصفة هي كونه حيا لا آفة به. وقيل: إنما ذكر هذا ليبين أنه يسمع ما يقول المنافقون إذا خلوا إلى شياطينهم، ويعلم ما يسرونه من نفاقهم.
(يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا [135] القراءة: قرأ ابن عامر وحمزة: (أن تلوا) بضم اللام، وواو واحدة ساكنة.
والباقون: (تلووا) بواوين: الأولى مضمومة، والثانية ساكنة.
الحجة: من قرأ بواو واحدة، فحجته أن يقول: إنه من الولاية، وولاية الشئ