والآخر: أن يكون ذلك بالأسباب المانعة من الخروج عنها، إما بأن تمحى العلامات التي يستدل بها، أو بأن يلقى شبه بعضها على بعض، ولكون ذلك معجزا خارقا للعادة.
وقال قتادة: لم يدخل بلد الجبارين أحد من القوم، إلا يوشع بن نون وكالب بن يوفنا، بعد موت موسى بشهرين، وإنما دخلها أولادهم معهما (فلا تأس على القوم الفاسقين) خطاب لموسى عليه السلام: أمره الله تعالى أن لا يحزن على إهلاكهم لفسقهم. وقال الزجاج: هو خطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم.
(واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الأخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين [27] اللغة: القربان: ما يقصد به القرب من رحمة الله من أعمال البر، وهو على وزن فعلان من القرب، كالفرقان من الفرق، والشكران، والكفران، من الشكر والكفر، وقرابين الملك جلساؤه: لقربهم إليه.
الاعراب: (إذ قربا): متعلق بقوله نبأ، والتقدير خبر ابني آدم، وما جرى منهما، حين قربا قربانا أي: قرب كل واحد منهما قربانا، فجمعهما في الفعل، وأفرد الاسم، لأنه يستدل بفعلهما على أن لكل واحد منهما قربانا. وقيل: إن القربان: اسم جنس، فهو يصلح للواحد والمتعدد على أنه مصدر من: قرب الرجل قربانا.
المعنى: (واتل) أي: واقرأ (عليهم) يا محمد (نبأ ابني آدم) أي: خبرهما (بالحق) أي: بالصدق، وأجمعوا على أنهما كانا ابني آدم لصلبه، إلا الحسن فإنه قال: كانا رجلين من بني إسرائيل. (إذ قربا قربانا) أي: فعلا فعلا يتقرب به إلى الله تعالى (فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر) تقبل الطاعة: إيجاب الثواب عليها. قالوا: وكانت علامة القبول في ذلك الزمان نارا تأتي فتأكل المتقبل، ولا تأكل المردود. وقيل: كانت النار تأكل المردود، عن مجاهد، والأول أظهر (قال لأقتلنك) في الكلام حذف. التقدير: قال الذي لم يتقبل منه للذي تقبل منه:
لأقتلنك، فقال له: لم تقتلني (قال) إنه تقبل قربانك، ولم يتقبل قرباني، قال له: