(ومصدقا لما بين يديه من التوراة) يعني الإنجيل يصدق بالتوراة لان فيه أن التوراة حق. وقيل: معناه أنه تضمن وجوب العمل بالتوراة، وأنه لم تنسخ. وقيل: معناه أنه أتى على النحو الذي وصف في التوراة (وهدى) أي: ودلالة وإرشادا ومعناه:
وهاديا وراشدا (وموعظة) أي: واعظا (للمتقين) يزجرهم عن المعاصي، ويدعوهم إلى الطاعة، وإنما خص المتقين بالذكر لأنهم اختصوا بالانتفاع به، وإلا فإنه هدى لجميع الخلق (وليحكم أهل الإنجيل) هذا أمر لهم. وقيل في معناه قولان أحدهما: إن تقديره وقلنا ليحكم أهل الإنجيل، فيكون على حكاية ما فرض عليهم، وحذف القول لدلالة ما قبله عليه، من قوله (وقفينا) كما قال تعالى (والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم) أي: يقولون: سلام عليكم والثاني: إنه تعالى استأنف أمر أهل الإنجيل على غير الحكاية، لان أحكامه كانت حينئذ موافقة لاحكام القرآن، لم تنسخ بعد، عن أبي علي الجبائي. والقول الأول أقوى، وهو اختيار علي بن عيسى. (بما أنزل الله فيه) أي: في الإنجيل (من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون) قيل: إن من هاهنا بمعنى الذي، وهو خبر عن قوم معروفين، وهم اليهود الذين تقدم ذكرهم، عن الجبائي. وقيل: إن من للجزاء أي من لم يحكم من المكلفين، بما أنزل الله، فهو فاسق، لان هذا الاطلاق يدل على أن المراد من ذهب إلى أن الحكمة في خلاف ما أمر الله به، فلهذا قال فيما قبل (فأولئك هم الكافرون) فيكون معنى الفاسقين الخارجين عن الدين، وجعلوا الكفر، والظلم، والفسق، صفة لموصوف واحد. وقيل: إن الأول في الجاحد، والثاني والثالث في المقر التارك.
(وأنزلنا إليك الكتب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون [48] اللغة: أصل مهيمن: مؤيمن، فقلبت الهمزة هاء كما قيل في أرقت الماء: