الظالمين) (إنكم إذا مثلهم) يعني إنكم إذا جالستموهم على الخوض في كتاب الله، والهزء به، فأنتم مثلهم. وإنما حكم بأنهم مثلهم، لأنهم لم ينكروا عليهم مع قدرتهم على الانكار، ولم يظهروا الكراهة لذلك، ومتى كانوا راضين بالكفر، كانوا كفارا لان الرضا بالكفر كفر.
وفي الآية دلالة على وجوب إنكار المنكر مع القدرة، وزوال العذر، وأن من ترك ذلك مع القدرة عليه، فهو مخطئ آثم. وفيها أيضا دلالة على تحريم مجالسة الفساق والمبتدعين، من أي جنس كانوا، وبه قال جماعة من أهل التفسير، وذهب إليه عبد الله بن مسعود، وإبراهيم، وأبو وآيل. قال إبراهيم: " ومن ذلك إذا تكلم الرجل في مجلس يكذب، فيضحك منه جلساؤه، فيسخط الله عليهم " وبه قال عمر بن عبد العزيز. وروي أنه ضرب رجلا صائما كان قاعدا مع قوم يشربون الخمر. وروى العياشي بإسناده، عن علي بن موسى الرضا عليهما السلام في تفسير هذه الآية، قال: " إذا سمعت الرجل يجحد الحق، ويكذب به، ويقع في أهله، فقم من عنده، ولا تقاعده " وروي عن ابن عباس أنه قال: " أمر الله تعالى في هذه الآية بالاتفاق، ونهى عن الاختلاف والفرقة، والمراء والخصومة " وبه قال الطبري، والبلخي، والجبائي، وجماعة من المفسرين. وقال الجبائي: " وأما الكون بالقرب منهم بحيث يسمع صوتهم، ولا يقدر على إنكارهم، فليس بمحظور، وإنما المحظور مجالستهم من غير إظهار كراهية، لما يسمعه، أو يراه.
قال: وفي الآية دلالة على بطلان قول نفاة الاعراض، وقولهم ليس ها هنا شئ غير الأجسام، لأنه قال: (حتى يخوضوا في حديث غيره) فأثبت غيرا لما كانوا فيه، وذلك هو العرض (إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا) أي: إن الله يجمع الفريقين من أهل الكفر والنفاق في القيامة، في النار، والعقوبة فيها، كما اتفقوا في الدنيا على عداوة المؤمنين، والمظاهرة عليهم.
(الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين فالله يحكم بينكم يوم القيمة ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا [141]