الله، وذلك أن الله تعالى جعل الاستمتاع مشتركا بين الزوجين، ثم أوجب لها بإزاء الاستمتاع مهرا على زوجها، فذلك عطية من الله للنساء. وقيل: أراد بالنحلة:
فريضة مسماة، عن قتادة، وابن جريج. وقيل: أراد بالنحلة الدين، كما يقال فلان ينتحل كذا: أي يدين به، ذكره الزجاج، وابن خالويه، واختلف فيمن خوطب بقوله (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة) فقيل هم الأزواج، أمرهم الله بإعطاء المهر للمدخول بها كملا، ولغير المدخول بها على النصف، على ما مر شرحه، من غير مطالبة منهن، ولا مخاصمة، لأن ما يؤخذ بالمحاكمة، لا يقال له نحلة، وهو قول ابن عباس، وقتادة، وابن جريج، واختاره الطبري، والجبائي، والرماني، والزجاج. وقيل: هم الأولياء، لأن الرجل منهم كان إذا تزوج أيمة، أخذ صداقها دونها، فنهاهم الله عن ذلك، عن أبي صالح، وهو المروي عن الباقر عليه السلام، رواه أبو الجارود عنه. والأول أشبه بالظاهر.
(فإن طبن لكم عن شئ منه نفسا): خطاب للأزواج معناه فإن طابت نفوسهن بهبة شئ من الصداق. (فكلوه): أي كلوا الموهوب لكم. (هنيئا مريئا):
فالهنئ: الطيب المساغ الذي لا ينقصه شئ. والمرئ: المحمود العاقبة، التام الهضم، الذي لا يضر ولا يؤذي. وفي كتاب العياشي مرفوعا إلى أمير المؤمنين عليه السلام، أنه جاءه رجل فقال: يا أمير المؤمنين إني يوجع بطني. فقال: ألك زوجة؟ فقال: نعم. قال: " استوهب منها شيئا طيبة به نفسها من مالها، ثم اشتر به عسلا، ثم أسكب عليه من ماء السماء، ثم اشربه، فإني سمعت الله تعالى يقول في كتابه: (وأنزلنا من السماء ماء مباركا)، وقال: (يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس) وقال: (فإن طبن لكم عن شئ منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا) فإذا اجتمعت البركة والشفاء والهنئ المرئ شفيت إن شاء الله " (1). قال ففعل ذلك فشفي. وقد استدل بعض الناس على وجوب التزويج بقوله: (فانكحوا) من حيث إن ظاهر الأمر يقتضي الوجوب، وهذا خطأ، لأنه يجوز العدول عن الظاهر بدليل، وقد قام الدليل على أن التزويج غير واجب. (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قيما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا [5]