المعنى: لما تقدم ذكر القتل والمحاربين، عقب ذلك بالموعظة، والامر بالتقوى، فقال: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله) أي: اتقوا معاصيه واجتنبوها، (وابتغوا إليه الوسيلة) أي: اطلبوا إليه القربة بالطاعات، عن الحسن، ومجاهد، وعطا، والسدي، وغيرهم، فكأنه قال: تقربوا إليه بما يرضيه من الطاعات. وقيل:
الوسيلة أفضل درجات الجنة، عن عطا، أيضا وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:
" سلوا الله لي الوسيلة، فإنها درجة في الجنة، لا ينالها إلا عبد واحد، وأرجو أن أكون أنا هو ".
وروى سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، عن علي عليه السلام، قال: في " الجنة لؤلؤتان إلى بطنان العرش، إحداهما بيضاء، والأخرى صفراء، في كل واحدة منهما سبعون ألف غرفة، أبوابها وأكوابها من عرق واحدة، فالبيضاء الوسيلة لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته، والصفراء لإبراهيم وأهل بيته " (وجاهدوا في سبيله) أي: في طريق دينه مع أعدائه، أمر سبحانه بالجهاد في دين الله، لأنه وصلة إلى ثوابه، والدليل على الشئ: طريق إلى العلم به، والتعرض للشئ: طريق إلى الوقوع فيه، واللطف: طريق إلى طاعة الله، والجهاد في سبيل الله: قد يكون باليد، واللسان، والقلب، وبالسيف، والقول، والكتاب. (لعلكم تفلحون) أي: لكي تظفروا بنعيم الأبد. والمعنى: اعملوا على رجاء الفلاح والفوز. وقيل:
لعل وعسى من الله واجب، فكأنه قال: اعملوا لتفلحوا.
(إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيمة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم [36] يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخرجين منها ولهم عذاب مقيم [37] الاعراب: خبر إن في لو وجوابها. وقوله (ولهم عذاب أليم) يحتمل أن يكون في موضع الحال، وأن يكون عطفا على خبر إن، ولا يجوز أن يكون الخبر (يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها) ولو في موضع الحال، كما تقول: مررت بزيد لو رآه عدوه لرحمه، لأنه في موضع معتمد الفائدة، مع أن الثاني في استئناف