قسمة الميراث بالوعد، مع أنه واجب في كل طاعة إذا فعلت، لوجوبها، أو لوجه وجوبها، ليبين عن عظم موقع هذه الطاعة بالترغيب فيها، والترهيب عن تجاوزها، وتعديها. (ومن يعص الله ورسوله) فيما بينه من الفرائض وغيرها (ويتعد حدوده):
أي ويجاوز ما حد له من الطاعات، (يدخله نارا خالدا) أي دائما (فيها وله عذاب مهين) سماه مهينا، لأن الله يفعله على وجه الإهانة، كما أنه يثيب المؤمن على وجه الكرامة. ومن استدل بهذه الآية على أن صاحب الكبيرة من أهل الصلاة مخلد في النار، ومعاقب فيها لا محالة، فقوله بعيد لأن قوله (ويتعد حدوده) يدل على أن المراد به: من تعدى جميع حدود الله، وهذه صفة الكفار، ولأن صاحب الصغيرة بلا خلاف، خارج عن عموم الآية، وإن كان فاعلا للمعصية، ومتعديا حدا من حدود الله. وإذا جاز اخراجه بدليل، جاز لغيره أن يخرج من عمومها من يشفع له النبي، أو يتفضل الله عليه بالعفو بدليل آخر، وأيضا فإن التائب لا بد من اخراجه من عموم الآية، لقيام الدليل على وجوب قبول التوبة، وكذلك يجب اخراج من يتفضل الله بإسقاط عقابه منها، لقيام الدلالة على جواز وقوع التفضل بالعفو، فإن جعلوا للآية دلالة على أن الله لا يختار العفو، جاز لغيرهم أن يجعلها دلالة على أن العاصي لا يختار التوبة. على أن في المفسرين من حمل الآية على من تعدى حدود الله وعصاه، مستحلا لذلك، ومن كان كذلك، لا يكون إلا كافرا.
(والتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا [15] * والذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان توابا رحيما [16] القراءة: قرأ ابن كثير (والذان يأتيانها) بتشديد النون، وكذلك فذانك، وهذان، أو هاتين. وقرأ الباقون بتخفيف ذلك كله، إلا أبا عمرو، فإنه شدد فذانك وحدها.
الحجة: قال أبو علي: القول في تشديد نون التثنية أنه عوض عن الحذف الذي لحق الكلمة، ألا ترى أن ذا قد حذف لامها، وقد حذف الياء من اللذان في