أخبر بها قومك الذين كذبوا عليك، ليكون حجة عليهم، لأنهم ادعوا عليه أنه إله، ثم عدد النعمة نعمة نعمة، على ما بيناه.
(وإذ أوحيت إلى الحوارين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون [111] اللغة: الوحي: إلقاء المعنى إلى النفس على وجه يخفى، ثم ينقسم، فيكون بإرسال الملك، ويكون بمعنى الإلهام. قال الشاعر:
الحمد لله الذي استقلت * بإذنه السماء واطمأنت * أوحى لها القرار فاستقرت * أي ألقى إليها ويروى: " وحي لها القرار ". والفرق بين أوحى ووحى من وجهين: أحدهما: إن أوحى بمعنى جعلها على صفة. ووحى، بمعنى جعل فيها معنى الصفة، لان أفعل أصله التعدية. وقيل: إنهما لغتان والحواري: خالصة الرجل وخلصاؤه من الخبز الحواري (1)، لأنه أخلص لبه من كل ما يشوبه، وأصله الخلوص. ومنه حار يحور: إذا رجع إلى حال الخلوص، ثم كثر حتى قيل لكل راجع.
المعنى: ثم بين سبحانه تمام نعمته على عيسى فقال (وإذ أوحيت) أي:
واذكر إذ أوحيت (إلى الحواريين) أي: ألهمتهم. وقيل: ألقيت إليهم بالآيات التي أريتهم إياها. ومضى الكلام في الحواريين في سورة آل عمران، وهم وزراء عيسى، عن قتادة، وأنصاره، عن الحسن. (أن آمنوا بي وبرسولي) أي: صدقوا بي وبصفاتي، وبعيسى أنه عبدي ونبيي (قالوا) أي: قال الحواريون (آمنا) أي:
صدقنا (واشهد) يا الله (بأننا مسلمون).
(إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين [112] قالوا نريد أن