أيمانكم) جر بالعطف على ما تقدم: أي. وأحسنوا إلى عبيدكم وإمائكم بالنفقة، والسكنى، ولا تحملوهم من الاعمال ما لا يطيقونه، أمر الله عباده بالاحسان إلى هؤلاء أجمع (إن الله لا يحب): أي لا يرتضي (من كان مختالا) في مشيته (فخورا) على الناس بكثرة المال، تكبرا، عن ابن عباس، وإنما ذكرهما لأنهما يأنفان من أقاربهم وجيرانهم إذا كانوا فقراء، لا يحسنان عشرتهم، وهذه آية جامعة تضمنت بيان أركان الاسلام، والتنبيه على مكارم الأخلاق، ومن تدبرها حق التدبر، وتذكرها حق التذكر، أغنته عن كثير من مواعظ البلغاء، وهدته إلى جم غفير من علوم العلماء.
(الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا [37] القراءة: قرأ أهل الكوفة غير عاصم (بالبخل) بفتح الباء والخاء، وكذلك في سورة الحديد. والباقون (بالبخل) بالضم.
الحجة: قال سيبويه هما لغتان.
اللغة: البخل: أصله مشقة الاعطاء. وقيل في معناه: إنه منع الواجب. لأنه اسم ذم، لا يطلق إلا على مرتكب الكبيرة. وقيل: هو منع ما لا ينفع منعه، ولا يضر بذله، ومثله الشح، وضده الجود. والأول أليق بالآية، لأنه تعالى نفى محبته عمن كان بهذه الصفة. وقال علي بن عيسى: معناه منع الاحسان لمشقة الطباع، ونقيضه الجود ومعناه بذل الاحسان، لانتفاء مشقة الطباع.
الإعراب: (الذين): يحتمل أن يكون موضعه نصبا من وجهين، وأن يكون رفعا من وجهين، فأما النصب فعلى أن يكون بدلا من (من) في قوله: (لا يحب من كان) وعلى الذم أيضا. وأما الرفع فعلى الاستئناف بالذم على الابتداء، وتكون الآية الثانية عطفا عليها، ويكون الخبر: إن الله لا يظلم، وعلى البدل من الضمير في فخور.
المعنى: (الذين يبخلون): أي يمنعون ما أوجب الله عليهم من الزكوات وغيرها، واختاره الجبائي، وأبو مسلم. وقيل: معناه الذين يبخلون بإظهار ما علموه من صفة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، عن ابن عباس، ومجاهد، والسدي، وابن زيد (ويأمرون