الرخصة (وما أولئك بالمؤمنين) أي: وما هم بمؤمنين بحكمك أنه من عند الله، مع جحدهم نبوتك. وقيل: إن هذا إخبار من الله سبحانه، عن أولئك اليهود، أنهم لا يؤمنون بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وبحكمه.
(إنا أنزلنا التورية فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون [44] القراءة: قرأ أهل البصرة، وأبو جعفر، وإسماعيل، عن نافع: (واخشوني) بياء في الوصل، ويعقوب يقف بالياء أيضا. والباقون (واخشون) بغير ياء في الوقف والوصل.
الحجة: قال أبو علي: الاثبات حسن (1)، لان الفواصل في أنها أواخر الآي، مثل القوافي في أنها أواخر الأبيات، فمما حذف منه الياء في القوافي، قول الأعشى:
فهل يمنعني ارتيادي البلاد * من حذر الموت أن يأتين ومن شانئ كاسف وجهه * إذا ما انتسبت له أنكرن (2) اللغة: (الربانيون): فسرناه فيما مضى، وهم العلماء البصراء بسياسة الأمور، وتدبير الناس. والأحبار: جمع حبر، وهو العالم، مشتق من التحبير: وهو التحسين. فالعالم يحسن الحسن، ويقبح القبيح. قال الفراء: أكثر ما سمعت فيه حبر بالكسر.
الاعراب: الباء في قوله (بما استحفظوا) يتعلق بالأحبار، فكأنه قال: العلماء بما استحفظوا. وقال الزجاج: تقديره يحكمون للتائبين من الكفر بما استحفظوا.