لغلبة الشهوة. والأول أصح (وأن تصبروا خير لكم) معناه: وصبركم عن نكاح الإماء، وعن الزنا، خير لكم. (وأن تصبروا) مبتدأ، و (خير) خبره. (والله غفور) لذنوب عباده (رحيم) بهم. وفائدته أن من لم يصبر عما أمر بالصبر عنه، ثم تاب، غفر الله له، ورحمه. واستدلت الخوارج بهذه الآية على بطلان الرجم، قالوا: إن الرجم لا يمكن تبعيضه وقد قال: (فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب)، فعلمنا أن الرجم لا أصل له والجواب عن ذلك: إذا كان المراد بالمحصنات الحرائر، سقط هذا القول، ويدل على ذلك قوله في أول الآية: (ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات). ولا شك أنه أراد بها الحرائر والعفائف، لان اللاتي لهن أزواج، لا يمكن العقد عليهن. على أن في الناس من قال: إن المحصنات هنا المراد بها الحرائر، دون العفائف، لأنه لو كان مختصا بالعفائف، لما جاز العقد على غيرهن، ومعلوم أن ذلك جائز. هذا والرجم أجمعت الأمة على أنه من أحكام الشرع، وتواتر المسلمون بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رجم ماعز بن مالك الأسلمي، ورجم يهوديا ويهودية، ولم يختلف فيه الفقهاء من عهد الصحابة إلى يومنا هذا، فخلاف الخوارج في ذلك شاذ عن الاجماع، فلا يعتد به.
(يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم [26] والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما [27] يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الانسان ضعيفا [28] الإعراب: ذكر في اللام من قوله (ليبين لكم) ثلاثة أقوال: أحدها: إن معناه أن وأن تأتي مع أمرت وأردت، لأنها تطلب الاستقبال، فلا يجوز أردت أن قمت، فلما كانت أن في سائر الأفعال تطلب الاستقبال، استوثقوا لها باللام، وربما جمعوا بين اللام وكي لتأكيد الاستقبال، قال الشاعر:
أرادت لكيما لا ترى لي عثرة * ومن ذا الذي يعطى الكمال فيكمل (1)