على عهدك، ولم يخونوك. عنى بهم القليل الذي استثناهم، عن أبي مسلم.
وقيل: معناه فاعف عنهم إذا تابوا وبذلوا الجزية، عن الحسن، وجعفر بن مبشر، واختاره الطبري. وقيل: إنه منسوخ بقوله (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله) الآية، عن قتادة. وقيل: منسوخ بقوله (وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء)، عن الجبائي. (إن الله يحب المحسنين) ظاهر المعنى.
(ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيمة وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون [14] اللغة: معنى الإغراء: تسليط بعضهم على بعض. وقيل: معناه التحريش، وأصله اللصوق. ويقال: غريت بالرجل غرى: إذا لصقت به، عن الأصمعي. وقال غيره: غريت به غراء، ممدود، وأغريت زيدا بكذا حتى غرى به، ومنه الغراء الذي تلصق به الأشياء.
المعنى: ثم بين سبحانه حال النصارى في نقضهم ميثاق عيسى عليه السلام، كما بين حال اليهود في نقضهم ميثاق موسى عليه السلام، فقال (ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم) أي: ومن الذين ذكروا أنهم نصارى، أخذنا الميثاق بالتوحيد والإقرار بنبوة المسيح، وجميع أنبياء الله، وأنهم كانوا عبيد الله، فنقضوا هذا الميثاق، وأعرضوا عنه. وهذا إشارة إلى أنهم ابتدعوا النصرانية التي هم عليها اليوم، وتسموا بها، ولهذا لم يقل من النصارى، إلا أنه سبحانه أطلق هذا الاسم في مواضع عليهم، لأنه صار سمة لهم، وعلامة، عن الحسن (فنسوا حظا مما ذكروا به) مر بيانه (فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء) اختلف فيه، فقيل: المراد بين اليهود والنصارى، عن الحسن، وجماعة من المفسرين. وقيل: المراد بين أصناف النصارى خاصة، من اليعقوبية، والملكائية، والنسطورية، من الخلاف والعداوة، عن الربيع، واختاره الزجاج، والطبري. وإنما أغرى بينهم العداوة بالأهواء المختلفة في الدين، وذلك أن النسطورية قالت: إن عيسى ابن الله. واليعقوبية قالت: إن الله هو المسيح ابن مريم. والملكائية، وهم الروم: قالوا: إن الله ثالث ثلاثة: الله، وعيسى،