المعنى: قد مضى تفسير هذه الآية مشروحا في سورة البقرة، وقد ذكرنا ههنا أن المعني ب (الذين آمنوا) في قول الزجاج، هم المنافقون. ثم ذكر بعد من آمن بالقلب. وقيل: إن من آمن محمول على اليهود والنصارى أي: من آمن منهم و (الذين آمنوا) في الابتداء، محمول على ظاهره من حقيقة الايمان. وقيل: إن (من آمن) يرجع إلى الجميع، ويكون معناه: من يستديم الايمان ويستمر عليه.
(لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وأرسلنا إليهم رسلا كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون [70] وحسبوا ألا تكون فتنة فعموا وصموا ثم تاب الله عليهم ثم عموا وصموا كثير منهم والله بصير بما يعملون [71] القراءة: قرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي (أن لا تكون) بالرفع. والباقون بالنصب، ولم يختلفوا في رفع (فتنة).
الحجة: من قرأ (ألا تكون فتنة)، بالرفع، جعل أن مخففة من الثقيلة، وأضمر الهاء، وجعل (حسبوا) بمعنى العلم، وعلى هذا الوجه تثبت النون في الخط. وأما النصب فعلى أنه جعل أن الناصبة للفعل، ولم يجعل حسبوا بمعنى العلم، وعلى هذا الوجه تسقط النون من الخط.
اللغة: الهوى: هو لطف محل الشئ من النفس، مع الميل إليه، بما لا ينبغي. فلذلك غلب على الهوى صفة الذم، ويقال هوى يهوى، هوى، وهوى يهوي هويا: إذا انحط من الهوى (1) وأهوى بيده: إذا انحط بها ليأخذ شيئا.
وهاوية جهنم، لأنها يهوي فيها. وهم يتهاوون في المهواة (2): إذا سقط بعضهم على بعض. والفرق بين الهوى والشهوة: إن الشهوة تتعلق بالمدركات، فيشتهي الانسان الطعام، ولا يهوى الطعام. والحسبان: هو قوة أحد النقيضين في النفس على الآخر، وأصله الحساب. فالنقيض القوي يحتسب به دون الآخر أي: هو مما