أي: تتركوا إظهاره. وقيل: معناه إن تفعلوا خيرا، أو تعزموا عليه. وقيل: يريد بالخير المال، أي: تظهروا صدقة، أو تخفوها (أو تعفوا عن سوء) معناه: أو تصفحوا عمن أساء إليكم، مع القدرة على الانتقام منه، فلا تجهروا له بالسوء من القول الذي أذنت لكم في أن تجهروا به. (فإن الله كان عفوا) أي: صفوحا عن خلقه، يصفح لهم عن معاصيهم (قديرا) أي: قادرا على الانتقام منهم.
وهذا حث منه سبحانه لخلقه على العفو عن المسئ، مع القدرة على الانتقام والمكافأة، فإنه تعالى مع كمال قدرته، يعفو عنهم ذنوبا أكثر من ذنب من يسئ إليهم. وقد تضمنت الآية التي قبلها إباحة الانتصاف من الظالم، بشرط أن يقف فيه على حد الظلم، وموجب الشرع.
النظم: الوجه في اتصال هذه الآية (1) بما قبلها: إنه لما سبق ذكر أهل النفاق، وهو الإظهار خلاف الإبطان، بين سبحانه أنه ليس كلما يقع في النفس، يجوز إظهاره، فإنه ربما يكون ظنا، فإذا تحقق ذلك جاز إظهاره عن علي بن عيسى.
(إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا [150] أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا [151] والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورا رحيما [152] اللغة: قرأ حفص (يؤتيهم) بالياء، والباقون: (نؤتيهم) بالنون.
الحجة: حجة حفص قوله: (سوف يؤتي الله المؤمنين). وحجة من قرأ (نؤتيهم) قوله: وآتيناه (أجرا عظيما) (أولئك سنؤتيهم أجرا).
المعنى: لما قدم سبحانه ذكر المنافقين، عقبه بذكر أهل الكتاب والمؤمنين، فقال: (إن الذين يكفرون بالله ورسله) من اليهود، والنصارى، (ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله) أي: يكذبوا رسل الله الذين أرسلهم إلى خلقه، وأوحى