الدين، وبه قال الأنباري. ورابعها: إن معناه: ولولا فضل الله عليكم ورحمته بالنصرة والفتح، مرة بعد أخرى (لاتبعتم الشيطان) فيما يلقي إليكم من الوساوس والخواطر الفاسدة المؤدية إلى الجبن، والفشل، الموجبة لضعف النية والبصيرة، إلا قليلا من أفاضل أصحاب رسول الله، الذين هم أهل البصائر النافذة، والعزائم الثابتة، والنيات الخالصة، لا ييأسون من رحمة الله، ولا يشكون في نصرته، وإنجاز وعده، وإن أبطأ بعض الإبطاء، والله أعلم.
النظم: اختلف في وجه اتصال قوله: (أفلا يتدبرون القرآن) بما قبله. فقيل:
إنه يتصل بقوله (ويقولون طاعة) الآية. فإن الله اطلع على سرائر المنافقين، ثم بين هنا أنه من جهة علام الغيوب، ولو كان من جهة غيره، لكان المخبر بخلاف الخبر.
وقيل: إنه يتصل بقوله (وأرسلناك) لما بين إرساله أمر يتدبر معجزه.
(فقتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأسا وأشد تنكيلا [84] اللغة: نكل به، وندد به، وشرد به، نظائر. وأصله، النكول: وهو الامتناع للخوف. يقال نكل عن اليمين وغيرها. والنكال: ما يمتنع به من الفساد خوفا من مثله من العذاب. والنكل: القيد.
المعنى: ثم عاد تعالى إلى الامر بالقتال، فقال: (فقاتل في سبيل الله).
قيل: في الفاء قولان أحدهما: إنه جواب لقوله (ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما) (فقاتل في سبيل الله) فيكون المعنى: إن أردت الأجر العظيم، فقاتل في سبيل الله. والآخر: أن يكون متصلا بقوله: (وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله) (فقاتل في سبيل الله) عن الزجاج، ووجهه أنه لاحظ لك في ترك القتال فتتركه، والخطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم خاصة، أمره الله أن يقاتل في سبيل الله وحده، بنفسه. وقوله (لا تكلف إلا نفسك) معناه: لا تكلف إلا فعل نفسك، فإنه لا ضرر عليك في فعل غيرك، فلا تهتم بتخلف المنافقين عن الجهاد، فإن ضرر ذلك عليهم.