الملائكة: ملك الموت، أو هو وغيره، فإن الملائكة تتوفى، وملك الموت يتوفى، والله يتوفى، وما يفعله ملك الموت، أو الملائكة، يجوز أن يضاف إلى الله إذ فعلوه بأمره، وما تفعله الملائكة جاز أن يضاف إلى ملك الموت، إذ فعلوه بأمره (ظالمي أنفسهم): أي في حال هم فيها ظالموا أنفسهم، إذ بخسوها حقها من الثواب، وأدخلوا عليها العقاب، بفعل الكفر (قالوا فيم كنتم): أي قالت لهم الملائكة: فيم كنتم؟ أي في أي شئ كنتم من دينكم، على وجه التقرير لهم، أو التوبيخ لفعلهم.
(قالوا كنا مستضعفين في الأرض) يستضعفنا أهل الشرك بالله في أرضنا وبلادنا، بكثرة عددهم وقوتهم، ويمنعوننا من الايمان بالله، واتباع رسوله على جهة الاعتذار (قالوا) أي قالت الملائكة لهم: (ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها): أي فتخرجوا من أرضكم ودوركم، وتفارقوا من يمنعكم من الايمان بالله ورسوله، إلى أرض يمنعكم أهلها من أهل الشرك، فتوحدوه، وتعبدوه، وتتبعوا رسوله.
وروي عن سعيد بن جبير أنه قال في معناه: إذا عمل بالمعاصي في أرض، فاخرج منها. ثم قال تعالى (فأولئك مأواهم جهنم): أي مسكنهم جهنم (وساءت) هي: أي جهنم (مصيرا) لأهلها الذين صاروا إليها، ثم استثنى من ذلك فقال (إلا المستضعفين) الذين استضعفهم المشركون (من الرجال والنساء والولدان) وهم الذين يعجزون عن الهجرة، لإعسارهم، وقلة حيلتهم، وهو قوله (لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا) في الخلاص من مكة. وقيل: معناه لا يهتدون لسوء معرفتهم بالطريق، طريق الخروج منها: أي لا يعرفون طريقا إلى المدينة، عن مجاهد، وقتادة، وجماعة من المفسرين.
(فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم) معناه: لعل الله أن يعفو عنهم لما هم عليه من الفقر، ويتفضل عليهم بالصفح عنهم، في تركهم الهجرة من حيث لم يتركوها اختيارا (وكان الله عفوا) أي لم يزل الله ذا صفح بفضله، عن ذنوب عباده، بترك عقوبتهم على معاصيهم. (غفورا) أي: ساترا عليهم ذنوبهم، بعفوه لهم عنها.
قال عكرمة: وكان النبي يدعو عقيب صلاة الظهر: " اللهم خلص الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، وضعفة المسلمين، من أيدي المشركين "!
(ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة ومن يخرج من