(الذين يرمون المحصنات) الآية: يعني الحرائر، لان من قذف غير حرة، لم يجلد ثمانين، ويقع أيضا على العفة يدل عليه قوله: (ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها)، وقد فسر قوله (ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات بالعفائف) ويقع على التزويج كما في الآية، ويقع على الاسلام كما فسر من قرأ: فإذا أحصن بفتح الهمزة بأسلمن، وأصل الجميع المنع، لان الحرية تمنع عن امتهان الرق، والعفة: حظر النفس عما حظره الشرع، والتزوج في المرأة يحظر خطبتها التي كانت مباحة قبل، ويمنع تصديها للتزويج، والإسلام يحظر الدم والمال اللذين كانا مباحين قبل الاسلام. ومن قرأ (وأحل لكم ما وراء ذلكم) قال: بناء الفعل للفاعل أشبه بما قبله، لان معنى (كتاب الله عليكم) كتب الله عليكم كتابا، والله أحل لكم. ومن قرأ: (وأحل لكم) قال: إنه في المعنى يؤول إلى الأول، وفيه مراعاة ما قبله وهو قوله (حرمت عليكم).
اللغة: قال الأزهري: يقال للرجل إذا تزوج: أحصن، فهو محصن، كقولهم ألفج فهو ملفج (1)، وأسهب فهو مسهب، إذا أكثر الكلام. وكلام العرب كله على أفعل فهو مفعل. وقال سيبويه: حصنت المرأة حصنا. فهي حصان، مثل جبن جبنا فهو جبان. وقد قالوا: حصناء كما قالوا علماء. والحصان: الفحل من الأفراس.
وأحصن الرجل امرأته، وأحصنت المرأة فرجها من الفجور. والمسافحة والسفاح:
الزنا، أصله من السفح، لأنه يصب الماء باطلا، وسفح الجبل: أسفله، لأنه يصب الماء منه. وقال الزجاج: المسافحة والسفاح: الزانيان لا يمتنعان من أحد، فإذا كانت تزني بواحد فهي ذات خدن.
الإعراب: (كتاب الله) نصب على المصدر، من فعل محذوف، وأصله كتب الله كتابا عليكم، ثم أضمر الفعل لدلالة ما تقدم من الكلام عليه، وهو قوله (حرمت عليكم)، فإنه يدل على أن ما هو مذكور مكتوب عليهم، فبقي كتاب الله عليكم، ثم أضيف المصدر إلى الفاعل، كما أضيف إلى المفعول في قولهم: ضرب زيد، ومثل ذلك قوله (صنع الله الذي) وعلى ذلك قول الشاعر (2).