بما عملوا فيقولون يا ليتنا كنا ترابا، ويا ليتنا لم نكتم الله شيئا، وليس ذلك بحقيقة الكتمان، فإنه لا يكتم شئ عن الله، لكنه في صورة الكتمان، وهذا قول ابن عباس. وثانيها: إنه كلام مستأنف، والمراد به أنهم لا يكتمون الله شيئا من أمور دنياهم وكفرهم، بل يعترفون به، فيدخلون النار باعترافهم، وإنما لا يكتمون لعلمهم بأنه لا ينفعهم الكتمان، وإنما يقولون: (والله ربنا ما كنا مشركين) في بعض الأحوال، فإن للقيامة مواطن وأحوالا، ففي موطن لا يسمع كلامهم إلا همسا، كما أخبر تعالى عنهم، وفي موطن ينكرون ما فعلوه من الكفر والمعاصي، ظنا منهم أن ذلك ينفعهم، وفي موطن يعترفون بما فعلوه، عن الحسن وثالثها: إن المراد أنهم لا يقدرون على كتمان شئ من الله، لان جوارحهم تشهد عليهم بما فعلوه، فالتقدير لا تكتمه جوارحهم، وإن كتموه. ورابعها: إن المراد ودوا لو تسوى بهم الأرض، وأنهم لم يكونوا كتموا أمر محمد، وبعثه، عن عطا وخامسها: إن الآية على ظاهرها، فالمراد ولا يكتمون الله شيئا، لأنهم ملجأون إلى ترك القبائح والكذب، وقولهم (والله ربنا ما كنا مشركين)، أي ما كنا مشركين عند أنفسنا، لأنهم كانوا يظنون في الدنيا أن ذلك ليس بشرك من حيث تقربهم إلى الله، عن أبي القاسم البلخي.
(يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لمستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم إن الله كان عفوا غفورا [43] القراءة: قرأ أهل الكوفة غير عاصم: (أو لمستم) بغير (ألف) ههنا، وفي المائدة، وقرأ الباقون (لامستم) بألف.
الحجة: حجة من قرأ (لمستم): إن هذا المعنى، جاء في التنزيل على فعلتم، في غير موضع، قال تعالى (لم يطمثهن إنس)، (ولم يمسسني بشر).
وحجة من قرأ (لامستم): إن فاعل قد جاء في معنى فعل، نحو عاقبت اللص، وطارقت النعل.