ذلك) أي: تخليد هؤلاء الذين وصفهم في جهنم (على الله يسيرا)، لأنه إذا أراد ذلك لم يقدر على الامتناع منه أحد.
النظم: واتصال هذه الآيات بما قبلها، اتصال النقيض (1) على جهة المقابلة، لان ما قبلها يتضمن الشهادة له بالنبوة تسلية له عما لحقه من تكذيب الكفار، وهذه الآيات تتضمن تخير الكفار بذهابهم من الرشد.
(يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيرا لكم وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما [170] الاعراب: الباء في قوله (بالحق): للتعدية كهمزة أفعل، تقول: جئت إلى عمرو، وأجاءني زيد، وجاء بي إلى عمرو. وقوله: (خيرا لكم) قال الزجاج:
اختلفوا في نصب (خيرا)، فقال الكسائي: انتصب بخروجه عن الكلام، كقولهم لتقومن خيرا لك، وانته خيرا لك. فإذا كان الكلام ناقصا رفعوا، فقالوا: إن تنته خير لك. قال الفراء: انتصب هذا. وقوله: انتهوا خيرا لكم، لأنه متصل بالأمر، ولم يقل هو ولا الكسائي من أي المنصوبات هو، ولا شرحاه. وقال الخليل، وجميع البصريين: إن هذا محمول على معناه، لأنك إذا قلت: انته خيرا لك، فأنت تدفعه عن أمر، وتدخله في غيره، كأنك قلت: انته وائت خيرا لك، وادخل فيما هو خير لك. وأنشد سيبويه قول عمر بن أبي ربيعة:
فواعدته سرحتي مالك * أو الربى بينهما أسهلا (2) كأنه قال: أتى مكانا أسهل.
المعنى: ثم عاد سبحانه إلى العظة، وعم الخلق بذلك فقال: (يا أيها الناس) خطاب لجميع المكلفين. وقيل خطاب للكفار (قد جاءكم الرسول) يعني:
محمد صلى الله عليه وآله وسلم (بالحق) أي: بالدين الذي ارتضاه الله لعباده. وقيل: بولاية من أمر الله تعالى بولايته، عن أبي جعفر عليه السلام. (من ربكم) أي: من عند ربكم (فآمنوا) أي: صدقوه، وصدقوا ما جاءكم به من عند ربكم (خيرا لكم) أي: ائتوا خيرا مما