الله على بشر من شئ بعد موسى، فكذبهم الله بهذه الآيات، إذ أخبر أنه قد أنزل على من بعد موسى من الذين سماهم، وممن لم يسمهم، عن ابن عباس.
(ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما [164] رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما [165] الاعراب: (ورسلا) منصوب من وجهين أحدهما: أن يكون منصوبا بفعل مضمر يفسره الذي ظهر: أي وقصصنا رسلا (قد قصصناهم عليك) كما تقول رأيت زيدا وعمرا أكرمته، أي: وأكرمت عمرا أكرمته. ويجوز أن ينصب (رسلا) على معنى (أوحينا)، لان معنى (أوحينا إليك) أنا أرسلناك موحين إليك، وأرسلنا رسلا قد قصصناهم عليك، هذا قول الزجاج. وقال الفراء: إنه على تقدير إنا أوحينا إليك وإلى رسل قد قصصناهم عليك (ورسلا لم نقصصهم) فلما حذف إلى نصب الفعل، (رسلا مبشرين) منصوب على الحال، ويجوز أن يكون منصوبا على المدح على تقدير: أعني رسلا مبشرين.
المعنى: ثم أجمل ذكر الرسل بعد تسمية بعضهم فقال (ورسلا) أي: ورسلا آخرين (قد قصصناهم عليك) أي: ما حكينا لك أخبارهم، وعرفناك شأنهم وأمورهم، من قبل. قال بعضهم: قصهم عليه بالوحي في غير القرآن (من قبل) ثم قصهم عليه من بعد في القرآن. وقال بعضهم: قصهم عليه من قبل هؤلاء بمكة في سورة الأنعام، وفي غيرها، لأن هذه السورة مدنية (ورسلا لم نقصصهم عليك) هذا يدل على أن الله سبحانه أرسل رسلا كثيرة لم يذكرهم في القرآن، وإنما قص بعضهم على النبي لفضيلتهم على من لم يقصهم عليه. (وكلم الله موسى تكليما) فائدته أنه سبحانه كلم موسى بلا واسطة، إبانة له بذلك من سائر الأنبياء، لان جميعهم كلمهم الله سبحانه بواسطة الوحي. وقيل: إنما قال تكليما، ليعلم أن كلام الله عز ذكره من جنس هذا المعقول الذي يشتق من التكليم، بخلاف ما قاله المبطلون.
وروي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما قرأ الآية التي قبل هذه، على الناس، قالت اليهود فيما بينهم: ذكر محمد صلى الله عليه وآله وسلم النبيين، ولم يبين لنا أمر موسى. فلما نزلت