له: ألست تقر بأن التوراة من عند الله؟ قال: بلى. قالوا: فإنا نؤمن بها، ولا نؤمن بما عداها. فنزلت الآية.
المعنى: ثم أمر سبحانه النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يخاطب اليهود فقال (قل) يا محمد (يا أهل الكتاب لستم على شئ) من الدين الصحيح (حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم) أي: حتى تقروا بالتوراة، والإنجيل، والقرآن المنزل إلى جميع الخلق. وقيل: معناه حتى تقيموا التوراة والإنجيل بالتصديق بما فيهما من البشارة بالنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، والعمل بما يوجب ذلك فيهما. وقيل: معناه الامر بإقامة التوراة والإنجيل، وما فيهما، وإنما كان ذلك قبل النسخ لهما، عن الجبائي (وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا) مر تفسيره قبل (فلا تأس على القوم الكافرين) أي: لا تحزن عليهم، وهذه تسلية للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أي فلا تحزن، فإن تكذيب الأنبياء عادتهم ودأبهم. وقيل: معناه لا تحزن على ذلك الكفر، وتجاوز الحد في الظلم منهم، فإن ضرر ذلك عائد عليهم. وقيل: معناه لا تحزن على هلاكهم وعذابهم، فذلك جزاؤهم بفعالهم.
(إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الأخر وعمل صلحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون [69] الاعراب: اختلف في وجه ارتفاع قوله (الصابئون)، فقال الكسائي: هو نسق على ما في (هادوا). قال الزجاج: وهذا خطأ من جهتين إحداهما: إن الصابي على هذا القول يشارك اليهودي في اليهودية، وليس كذلك، فإن الصابي غير اليهودي، فإن جعل (هادوا) بمعنى تابوا من قوله: (إنا هدنا إليك) لا من اليهودية، ويكون المعنى تابوا هم والصابئون. فالتفسير جاء بغير ذلك، لان معنى الذين آمنوا في هذه الآية، إنما هو الايمان بأفواههم، ثم ذكر اليهود والنصارى فقال: (من آمن منهم بالله) فله كذا، فجعلهم يهودا ونصارى، فلو كانوا مؤمنين، لم يحتج إلى أن يقال من آمن منهم فلهم أجرهم. وهذا قول الفراء، والزجاج، في الانكار عليه. والجهة الأخرى أن العطف على الضمير المرفوع من غير توكيد قبيح، وإنما يأتي في ضرورة الشعر كما قال عمر بن أبي ربيعة.