يجب أن يكون موافقا لرؤوس الآي، ويمكن أن يقال التقدير فيه فريقا كذبوا لم يقتلوه، وفريقا كذبوا يقتلون، فيكون (يقتلون) صفة للفريق، ولم يكن فيه عطف المستقبل على الماضي. وعلى الجواب الأول لم يكن كذبوا ويقتلون صفة للفريق، لان التقدير كذبوا فريقا ويقتلون فريقا، وقد ذكرنا تفسير الفريقين في سورة البقرة، عند قوله (ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون).
(وحسبوا) أي وظنوا (ألا تكون فتنة) أي: عقوبة على قتلهم وتكذيبهم، يريد وظنوا أن الله لا يعذبهم، عن عطاء، عن ابن عباس. وقيل: حسب القوم أن لا يكون بلية، عن قتادة، والحسن، والسدي. وقيل: فتنة: أي شدة وقحط، عن مقاتل. والكل متقارب. وقيل: وحسبوا فعلهم غير فاتن لهم، وذلك أنهم كانوا يقولون نحن أبناء الله وأحباؤه، عن الزجاج. وقيل: معناه وقدروا أن لا تقع بهم فتنة في الإصرار على الكفر، وظنوا أن ذلك لا يكون موبقا لهم، عن ابن الأنباري (فعموا وصموا) (1) على التشبيه بالأعمى والأصم، لأنه لا يهتدي إلى طريق الرشد في الدين، لإعراضه عن النظر، كما لا يهتدي هذا إلى طريق الرشد في الدنيا، لأجل عماه وصممه.
(ثم تاب الله عليهم) يريد: إن فريقا منهم تابوا، فتاب الله عليهم (ثم عموا وصموا) أي عادوا إلى ما كانوا عليه، يريد: فلما انقضت تلك القرون، ونشأت قرون أخر، تخلقوا بأخلاق آبائهم، فعموا عن الحق، وصموا عن استماعه. وقيل:
معناه لما تابوا دفع الله عنهم البلاء، ثم صار (كثير منهم) كما كانوا. وقيل: أراد بكثير منهم من كان في عصر نبينا صلى الله عليه وآله وسلم، (والله بصير بما يعملون) أي: عليم بأعمالهم وهذا كالوعيد لهم.
(لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يبني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار [72] لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون