بالابتداء ويكون خبرها اثنان. والمعنى: شهادة هذا الحال شهادة اثنين، فيحذف شهادة ويقام اثنان مقامها والآخر: أن يكون التقدير: وفيما فرض عليكم في شهادتكم أن يشهد اثنان، فيرتفع اثنان بشهادة، وهو قول الفراء، واختار أبو علي الفارسي القول الأول، قال: واتسع في بين فأضيف إليه المصدر، وهذا يدل على قول من قال إن الظرف يستعمل اسما في غير الشعر، ألا ترى أنه قد جاء ذلك في التنزيل، وهو (لقد تقطع بينكم) بالرفع كما جاء في الشعر نحو قوله (فصادف بين عينيه الحبونا) (1) وأما قوله (حضر أحدكم الموت) فيجوز أن يتعلق بالشهادة، فيكون معمولها، ولا يجوز أن يتعلق بالوصية لأمرين أحدهما: إن المضاف إليه لا يعمل فيما قبل المضاف، لأنه لو عمل فيه، للزم أن يقدر وقوعه في موضعه، وإذا قدر ذلك، لزم أن يقدم المضاف إليه على المضاف، ومن ثم لم يجز القتال زيدا حين يأتي والآخر: إن الوصية مصدر فلا يتعلق به ما يتقدم عليه وأما قوله (حين الوصية اثنان) فلا يجوز حمله على الشهادة، لأنه إذا عمل في ظرف من الزمان، لم يعمل في ظرف آخر منه، ولكن يحمله على أحد ثلاثة أوجه: إما أن يتعلق بالموت، كأنه يموت في ذلك الحين، وهذا إنما يكون على ما قرب منه كقوله (حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن) وهذا القول إنما يكون قبل الموت. وإما أن يتعلق بحضر أي إذا حضر هذا الحين. وإما أن يكون محمولا على البدل من إذا لأنك ذلك الزمان في المعنى هو هذا الزمان، فتبدله منه، كما تبدل الشئ من الشئ إذا كان إياه.
وقوله: منكم صفة لقوله: اثنان كما أن (ذوا عدل) صفة لهما. وفي الظرف ضميرهما. وقوله: (أو آخران من غيركم) تقديره أو شهادة آخرين من غيركم، و (من غيركم): صفة لآخرين كما كان منكم صفة لاثنين (إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت) اعتراض بين الصفة والموصوف، وعلم به أن شهادة الآخرين اللذين هما من غير أهل ملتنا، إنما يجوز في السفر، فاستغنى عن جواب إن بما تقدم من قوله (أو آخران من غيركم) لأنه، وإن كان على لفظ الخبر، فالمعنى على الامر، كان المعنى ينبغي أن تشهدوا إذا ضربتم في الأرض آخرين من غير أهل ملتكم، ويجوز أيضا أن يستغنى عن جواب إذا في قوله (إذا حضر أحدكم الموت) بما تقدمها من قوله (شهادة بينكم) فإن جعلت إذا بمنزلة حين، فلم تجعل له