فقالا: لا علم لنا به وما دفعه إلينا أبلغناه، كما هو، فرفعوا أمرهم إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فنزلت الآية، عن الواقدي، عن أسامة بن زيد، عن أبيه، وعن جماعة المفسرين، وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام.
المعنى: لما قدم الامر بالرجوع إلى ما أنزل، عقبه بذكر هذا الحكم المنزل فقال (يا أيها الذين آمنوا) أي: يا أيها المؤمنون (شهادة بينكم) قيل: في معنى الشهادة هنا أقوال أحدها: إنها الشهادة التي تقام بها الحقوق عند الحكام، وقد تقدم ذكر ما قيل في تقدير الآية على هذا المعنى، وهو قول ابن عباس. وثانيها: إنها بمعنى الحضور، كما يقال: شهدت وصية فلان، ومنه قوله (وليشهد عذابهما طائفة). (أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت) فيكون تقديره ليشهدكم في سفركم إذا حضركم الموت، وأردتم الوصية اثنان ذوا عدل منكم أي: وصيان من أهل العدالة، جعلهما اثنين تأكيدا للامر في الوصية، عن ابن الأنباري، وهو قول سعيد بن جبير وابن زيد والثالث: إنها شهادة إيمان بالله، إن ارتاب الورثة بالوصيين، من قول القائل في اللعان: أشهد بالله أني لمن الصادقين، والأول أقوى وأليق بالآية.
وقال صاحب كتاب نظم القرآن: (شهادة: مصدر بمعنى الشهود، كما يقال رجل عدل، ورضا، ورجلان عدل ورضا، ثم قدر حذف المضاف، فيكون المعنى عدد شهود بينكم اثنان، كقوله: (الحج أشهر معلومات) أي: وقت الحج أشهر).
وقال ابن جني: ويجوز أن يكون التقدير: تقيموا شهادة بينكم اثنان، فيكون على هذين القولين حذف المضاف من المبتدأ، وعلى قول الزجاج، وأبي علي من الخبر (إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية) أي حضر أسباب الموت من مرض وغيره. وقال الزجاج: معناه إن الشهادة في وقت الوصية هي للموت ليس أن الموت حاضر، وهو يوصي، إنما يقول الموصي صحيحا كان أو غير صحيح: إذا حضرني الموت، وإذا مت فافعلوا واصنعوا.
(اثنان ذوا عدل منكم) أي من أهل دينكم وملتكم (أو آخران من غيركم) أي من غير أهل ملتكم، عن ابن عباس، وسعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، وشريح، ومجاهد وابن سيرين، وابن زيد، وإبراهيم، وهو المروي عن الباقر، والصادق عليهما السلام، فيكون أو هاهنا للتفصيل، لا للتخيير، لان المعنى أو آخران من