في جميع ذلك.
الحجة: من قرأ، (إلا سحر) جعله إشارة إلى ما جاء به، كأنه قال ما الذي جئت به إلا سحر مبين. ومن قرأ (إلا ساحر) أشار إلى الشخص، لا إلى الحديث الذي أتى به، وكلاهما حسن لاستواء كل واحد منهما في أن ذكره قد تقدم، غير أن الاختيار سحر لوقوعه على الحدث والشخص، أما وقوعه على الحدث فظاهر. وأما وقوعه على الشخص فهو أن يراد به ذو سحر، كما جاء: (ولكن البر من آمن) أي ذا البر. وقالوا إنما أنت سير، وإنما هي إقبال وإدبار. وقد جاء أيضا فاعل يراد به الكثرة في حروف ليست بالكثيرة، نحو: عائذا بالله من شرها أي: عياذا، ونحو:
العافية، ولم تصر هذه الحروف من الكثرة بحيث يقاس عليها.
الاعراب: العامل في إذ يحتمل أمرين أحدهما: الابتداء عطفا على قوله (يوم يجمع الله الرسل) ثم قال: وذلك إذ. قال: فيكون موضعه رفعا كما يقول القائل:
كأنك بنا قد وردنا بلد كذا، وصنعنا فيه، وفعلنا إذ صاح بك صائح، فأجبته وتركتني. والثاني: أذكر (إذ قال الله) فيكون موضعه نصبا (يا عيسى بن مريم) يجوز أن يكون عيسى مضموما في التقدير، فإنه منادى مفرد، فيكون نداءين، وتقديره يا عيسى، يا بن مريم، أو تكون وصفت المضموم بمضاف فنصب المضاف كقول الشاعر: " يا زبرقان أخا بني خلف ". ويجوز أن يكون عيسى مبنيا مع الابن على الفتح في التقدير، لوقوع الابن بين علمين. وهذا كما أنشد النحويون من قول الشاعر:
يا حكم بن المنذر بن الجارود * أنت الجواد بن الجواد بن الجود روي في حكم الضم والفتح (تكلم الناس) في موضع نصب على الحال.
(وكهلا) عطف على موضع في المهد وهو جملة ظرفية في موضع نصب على الحال من (تكلم) فالمعنى مكلما الناس صغيرا، وكبيرا.
المعنى: لما عرف سبحانه يوم القيامة بما وصفه به من جمع الرسل فيه، عطف عليه بذكر المسيح فقال: (إذ قال الله) ومعناه: إذ يقول الله في الآخرة، وذكر لفظ الماضي تقريبا للقيامة، لان ما هو آت فكأن قد وقع (يا عيسى بن مريم) وهذا إشارة إلى بطلان قول النصارى لان من له أم لا يكون إلها (أذكر نعمتي عليك وعلى والدتك) أي اذكر ما أنعمت به عليك، وعلى أمك، واشكره. أفرد النعمة في